المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 70

وقيل : الإغانة الّتي يجدها ما حُبّب إليه من النساء والطيب ، فيجد ممّا حُبّب إليه من الطبائع إغانةً ، إلى أن يصل إلى حالة قرّة عينه وهي الصلاة ، فيستغفر لما مضى .
وقيل : الإغانة مشاهدة الكون ، والاستغفار من ذلك إذا تحقّق بمشاهدة الحقّ .
وقال أبو سعيد الخرّاز ۱ رحمه الله : الغين شيءٌ لا يجده إلاّ الأنبياء وأكابر الأولياء ؛ وذلك لصفاء الأسرار ونقاء القلوب والاتّصال ؛ لمداومة الذكر وكثرة الرعاية ودوام المراقبة ، وإنّما وَجَدَ ذلك النبيّ صلى الله عليه و سلم بعلوّ همّته وحسن مشاهدته ، وذلك مثل الغيم الرقيق الذي لا يدوم .
وقال ابن عطا : الغين كالنفس في المرآة ، لا دوام لها ولا يؤثّر فيها أثر ، وإنّما هي لحظة ثمّ يضمحلّ .
وقيل : الإغانة كالسكينة ينزل على قلب النبيّ صلى الله عليه و سلم إذا أراد الحقّ به رفقاً ، فإنّ من صفته أنّه صلى الله عليه و سلم كان دائم الفكرة متواصل الأحزان ، وإذا أراد الحقُّ به تخفيفاً ضرب على قلبه إغانة ، فيكون رفقاً به ممّا هو فيه من الفكرة والأحزان ، يسمّى ذلك الرفق سكينةً وغيماً ، فإذا وجد النبيّ صلى الله عليه و سلم غيبةً عن حاله الّتي هو به استغفر من رفاهيّته في وقته وحاله ؛ فإنّ الاُولى أتمّ وأشرف .
وقيل : أشرف على ما يرتكبه اُمّته من أنواع المخالفات ، فشغل قلبه بذلك وهي الإغانة ، فيستغفر لهم .
وقيل : الإغانة قيامه لحظِّ نفسه من المأكل والمشرب ، وقيامه لقضا حقوق أزواجه وإن كان مباحاً ؛ لبعده عن الحقائق .
وقيل : الإغانة شغلُ قلبه بتأذّي قريش وطغيانهم ، فيستغفر لرؤيتهم وشغل قلبه بهم .
وقيل : إنّ الجاري عليه /77/ من أحوال الطبع والحجب ، لغيره لا له ؛ لأنّه منزّه عن

1.أبو سعيد أحمد بن عيسى الخرّاز ( م۲۸۶ق ) من مشايخ العرفاء ، رك : نفحات الاُنس ص۷۲ .

صفحه از 143