المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 73

من قلّة ۱ ، حتّى ورد عليهم ما ورد ، فرجع إلى الحقيقة فاستغفر .
وقيل : مقام النبيّ صلى الله عليه و سلم مقام كشف وحجب ، وشريعةٍ وحقيقة ، وظاهرٍ وباطن ؛ فإذا أخبر عن حقيقة حاله قال : إنّي لستُ كأحدكم إنّي أبيت عند ربّي يطعمني ويسقيني . ۲ وإذا أخبر عن ظاهر أمره قال : إنّما أنا بشر ، أنسى كما تنسون . ۳ فإذا أخبر عن هذه الحالة وجد في قلبه إغانةً ، فيستغفر منه .
وقيل : الإغانة قول النبيّ صلى الله عليه و سلم : أنا أعلمكم باللّه ، فوجد لذلك القول في قلبه إغانةً فقال : وأشدّكم له خشيةً ۴ ، يظهر بذلك عجز العبودية ، فإذا بَدا له ما بَدا من غير سؤال ، وجد في قلبه إغانة لسؤاله ، فيستغفر .
وقيل النبيّ صلى الله عليه و سلم إذا أخبر عن حقائق الحقّ وصفاته يكون مكشوفاً له عنها ، فإذا رجع إلى ما اُمر به من مراتب الشرع فكان مستتراً بها عن حقائق الحقّ برؤية الأغيار ، فوجد في قلبه إغانةً ، فيستغفر منها .
وقيل : كان النبيّ صلى الله عليه و سلم في علم اليقين ، فلمّا بَدا له عين اليقين وجد وحشة من الحالة الاُولى ، فلمّا بدا له حقّ اليقين استوحش من الحالين جميعاً فوجد في قلبه إغانة عنها ، وهذه الأحوال كلّها حقٌّ وحقيقة .
وقيل : كان قلب النبيّ صلى الله عليه و سلم أصفى القلوب وأنورها ، فيؤثر فيه أدنى شيء ما لا يؤثر على غيره ، وهي الإغانة .
وقيل : كان النبيّ صلى الله عليه و سلم بين استتار وتجلّي ، فإذا أخبر عن حال الاستتار أخبر عن الآداب والشرائع ، وإذا كان في حال التجلّي أخبر عن الحقّ وحقيقته ، فيجد في قلبه

1.الإرشاد للمفيد ، ج۱ ، ص۱۲۶ .

2.المناقب ، ج۱ ، ص۳۱۴ ؛ عوالي اللئالي ، ج۲ ، ص۲۳۳ ؛ بحار الأنوار ج۱۶ ، ص۳۹۰ ؛ مسند أحمد ، ج۲ ص۲۳۷ . ومرّ تفسيره أيضاً في أوّل هذا القسم في رقم ۲/۲۷ .

3.سنن النسائي ، ج۳ ، ص۲۸ ؛ مسند أحمد ، ج۱ ص۳۷۹ ؛ صحيح مسلم ، ج۲ ، ص۸۴ .

4.منهج الصادقين ، ج۴ ، ص۳۰۰ وج۷ ، ص۳۲۷ و۴۴۵ .

صفحه از 143