عيون الحكم و المواعظ، للواسطي - صفحه 275

إدراكِ الأوائِل، وكوني لم أحظ من رُتبة العِلم بِطائِل، بل مُعتَرِف بتَقْصيري عن الجَرْي في مَيدانِهم، ونقْصِ وَزْني عن أوزانِهم.
وجعَلتُ ما جَمعتُه طريقاً لِنَجاةِ المُكَلَّفين، ومِصباحاً يُضي ء للمُسْتَرشدِين، وسمَّيتُه بكتاب (عُيون الحِكَم والمَواعِظ وذَخيرَة المُتَّعِظ والواعِظ) اقتضَبتُه من كتُبٍ مُتَبَدِّدة، ومَظانَّ مُتَشَرِّدة، ومُصَنَّفاتٍ مشهورة، مسندة إلى أئِمّةٍ مَقطوع بفَضْلِهِم ورئاسَتِهم وأمانتِهم في رواياتهم ونَقْلِهم، مِثل كِتاب (نَهْج البَلاغة) جَمْع الرَّضيّ ذي الحَسَبَين رضي الله عنه وما كان جَمعه أبو عُثمان الجاحِظ، ومن كتاب (دُستور الحِكَم ومأثور مَكارِم الشِيَم) جَمع القاضي أبي عبدالله محمّد بن سلامة بن جعفر بن عليّ القُضاعيّ، ومِن كتاب (غُرَر الحِكَم ودُرَرالكَلِم) جَمع القاضي أبي الفَتْح عبدالواحِد بن محمّد بن عبدالواحِد الآمدي التميمي، ومن كتاب (المناقِب) للخَطيب أحمد بن مكّي الخَوارِزميّ خَطيب خَوارزم، ومن كتاب (مَنثور الحِكَم)، ومن كتاب (الفَرائِد والقَلائِد) تأليف القاضي أبي يوسُف يعقوب بن سُليمان الأسفَراييني، ومن كتاب (الخِصال) تأليف الشيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ بن بابَويه، وغيرهم من [أصحاب] التَصانيف، ما لو رُمْتُ ذِكرَهُم وذِكرَ أسانيدِهم لَطالَ عليّ، ووقَع منه الضَجَر والمَلال.
وقد وضَعتُه ثَلاثين باباً، أحَداً وتسعينَ فَصلاً، ثلاثة عَشَر ألفاً وسِتّمائة وثَماني وعِشرين حِكمةً، منها على حروف المُعجَم تسعة وعشرون باباً، والبابُ الثلاثون أوردتُ فيه مُختصَراتٍ من التَّوحيد، والوَصايا، ومذَمّة الدُنيا، والمَواعِظ، والأدعية، والمُكاتَباتِ ما اختصَرتُه واستحسَنْتُه واستَصْوَبتُه.
فليُنْعِمِ الواقِف على هذا الكتاب، وليَستُر بكرَمِه مايَجِدُ فيه من خَلَلٍ في التأليف، ويَصْفَح بِجُودِه عَمّا يعثُر به من زَلَلٍ في التَرصِيف، ويَمُدّني بالدُعاء بالعَفو والعافية في الدنيا والآخِرة، إنّه سَميعٌ مُجيب ومِن الإجابةِ قَريب.

صفحه از 307