كتاب «غريب الحديث في بحارالأنوار» علي طاولة النقد - صفحه 316

فإنّ المهمّ ليس هو نقل الروايات، بل فهمها، ولا يتسنّى فهم المعنى إلّا بفهم مفردات الألفاظ بدقّة، كما لا يخفى على ذي لبّ.
هذا إذا خلا الكلام عن ألفاظ غريبة، فإذا تضمّن ألفاظاً غريبة وغير مأنوسة اشتدّت الحاجة إلى بيان المعنى، ولا يتسنّى ذلك إلّا ببيان معاني مفردات الألفاظ الغريبة أوّلاً، كي يفهم معنى التركيب الوارد في الخبر.
فقد لا يتسنّى فهم خبر مع قلّة ألفاظه؛ لاشتماله على ألفاظ غريبة، كالخبر المروي في الكافي: «عن أبي عبداللّه(ع) قال: قال رسول اللّه(ص): أنهاكم عن الزّفْنِ، والمِزمار، وعن الكُوبَاتِ، والكَبَرَات» ۱ ، حيث وردت فيه ثلاثة ألفاظ غريبة.
بل قد يرد في الخبر لفظ غريب واحد يوجب الغموض في معناه أو عدم فهمه بدقّة، كالخبر المروي عن الإمام الصادق(ع): «أثافِي الإسلام ثلاثة: الصلاة، والزكاة، والولاية» ۲ .
والخبر الآخر عنه(ع) أيضاً: «قال رسول اللّه(ص) لا تضربوا وجوهكم بالماء ضرباً إذا توضأتم، ولكن شُنّوا الماء شَنّاً» ۳ .
فهذه نماذج من الأخبار تحتاج إلى بيان بعض مفرداتها.
ومن دون فهم الألفاظ الواردة في كلّ منها لا يمكن ترتيب الأثر المطلوب عليها.
فمن دون معرفة معنى «الزفن» الذي هو الرقص ۴ لا يمكن معرفة حكم الرقص شرعاً.
وبهذا تظهر أهمّية بيان «غريب الحديث»، ومنزلته، وما له من الأثر البالغ في

1.الكافي: ۶ / ۴۳۲ / ۷

2.بحار الأنوار: ۶۵ / ۳۳۰

3.الكافي: ۳ / ۲۸ / ۳

4.الزّفْنُ: الرّقص (لسان العرب)

صفحه از 326