(فصل)
فإن قال قائلٌ : لا سبيلَ إلى ردّ حديث الضَّحْضاح وإبطاله ، والطَّعن عليه بخَلْقه وافتعاله ، لأنّ الشيخين قد اتّفقا على إخراجه في (الصحيحين) وهما أصحّ الكتب بعد كتاب اللَّه العزيز بإجماع العلماء ، وتلقَّتْهما الأمّة بالقبول ۱ .
قلنا : سبحانك اللّهمَّ هذا بُهتانٌ عظيم ، قُتِل الأفّاك الأثيم ، كيف وأنّ هذه دعوىً زائفة وحديث خُرافة ، لا يتفوّه بها إلّا مَن لم يُمْعِنْ نظرَه فيما يقول ، وإنْ عُدَّ صاحبها من الجهابذة الفحول .
فقد نقل الحافظ شمس الدين ابن الجَزَريّ في (المَصْعد الأحمد) ۲ عن ابن تَيميّة أنّه قال : إنّ الموضوع يُراد به ما يُعلم انتفاء خبره ، وإن كان صاحبه لم يتعمّد الكذب بل أخطأ فيه .
قال : وهذا الضَّرْب في المسْنَد - يعني مسند أحمد - منه ، بل وفي سُنَن أبي داود والنّسائيّ وفي صحيح مسلمٍ والبخاريّ أيضاً ألفاظٌ في بعض الأحاديث من هذا الباب (اه ) .
وصرّح ابن حَزْمٍ وجماعة بوضع الحديث الذي رواه مسلم من طريق عِكْرِمَة ابن عمّارٍ ، عن أبي زُمَيْلٍ ، عن ابن عبّاسٍ قال : كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يُقاعدونه ، فقال للنبيّ صلى الله عليه وآله : يا نبيَّ اللَّه ، ثلاثٌ أعطنيهنّ ، قال : نعم ، قال : عندي أحسن العرب وأجمله أُمّ حبيبة بنت أبي سفيان أُزوّجكها ، قال : نعم . . الحديث .
فهذا مخالفٌ لما ثبت بالتواتر أنّ اُمّ حبيبة تزوّجها
1.شرح النوويّ على صحيح مسلم : ۱ / ۲۰ - هَدْي الساري : ۱۲ - ۳۶۴
2.المَصْعد الأحمد في ختم مسند أحمد : ۱۶