الحشويّة الأميريّون - صفحه 20

وإذا أراد أن يسمع من فم الرسول صلى الله عليه وآله الحلّ الواضح ، فليس في إقدامه وسؤاله أيّ محذور ، واللَّه تعالى يقول : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) .
وأمّا تطفّل الأشعث بن قيس - وهذا اسم تحته مآسٍ ودلالاتٌ كثيرةٌ - وتجاسُره أمام النبي صلى الله عليه وآله وفي محضره الشريف ، فالجواب هو ما أعلنه السائل ، بأنّ الحلّ لابدّ أن يؤخذ من النبي صلى الله عليه وآله نفسه .
وأمّا ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله من القول : «لا ، عليكم ما حمّلتم وعليهم ما حمّلوا» ففيه :
أوّلاً : إنه معارَض بما نقل عنه صلى الله عليه وآله من الروايات التي أسلفنا بعضها ، من وجوب معارضتهم وعدم إطاعتهم ، في معصية اللَّه ، وفيما لو تعدّوا حقوق اللَّه .
وثانياً : قوله : «لا» نفيٌ للمقاتلة ابتداءً ، فقد يكون إرشاداً إلى التدرّج في مطالبة الحقوق ، وتحصيلها بطرقٍ اُخرى غير القتال .
وقوله : «عليكم ما حمّلتم وعليهم ما حمّلوا» تأكيدٌ على أداء ما يجب على الأمير والمأمور من واجبات محدّدة في مواضعها ، معيّنة للتكاليف للاُمّة اُمراء ومأمورين ، وليس فيها تحمّل الظلم ، ولا الإغضاء عن مخالفات الحكّام والسكوت عنهم .
وهذا ما يعرفه المسلم بوضوح من الكتاب والسنّة .
وثالثاً : أنّ هذه الجملة :«عليكم ما حمّلتم وعليهم ما حمّلوا» نقلت موقوفة من كلام الأشعث نفسه، ولم ترفع الى الرسول صلى الله عليه وآله في ما رواه الآجريّ، قال: سأل يزيد بن سلمة الجعفي (وفي صحيح مسلم والإصابة: سلمة بن يزيد) رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أرأيت إن قامت علينا أمراء فسألونا حقّهم ومنعونا حقّنا، فماتأمرنا؟
فأعرض عنه، ثمّ سأله الثانية والثالثة .
فجبذه الأشعث بن قيس وقال: اسمعوا فإنّما عليهم ما حمّلوا وعليكم

صفحه از 88