الحشويّة الأميريّون - صفحه 23

وأمّا ما نسبوه إليه صلى الله عليه وآله من نفي القتال بقولهم: «لا» فهو نفي للقتال ، دون طرق المعارضة الاُخرى ،
وإن كان هذا النفي على إطلاقه يُنافي أدلّة الشريعة التي ذكرناها ، فلهذا قيّده الواضعون بقوله : «ما صَلَّوا» .
وقال خيثمة : ما صلّوا الصلاة لوقتها 1 .
أقول : لا ، بل لابدّ أن يقيموها بشرائطها الخاصّة ، والعامّة ، وإلّا فهل الصلاة لوقتها وحدها تكفي لعدم استمرار الاُمراء على فعل المنكرات من أيّ نوع؟! وسقوط واجب إزاحتهم عن السلطة والقوّة التي تمكّنهم من ظلمهم وبغيهم؟!
ثمّ ما هي قيمة صلاتهم إذا كانت من نوع ما أقامه خلفاء الجور واُمراء الظلم من أمثال يزيد ، والوليد ، والحجّاج ، كما سيأتي!.
بينما الصلاة الإسلاميّة هي التي (تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ والبغي).
فالمراد بالصلاة هنا التي هي عمود الدين ، وبها يقوم ، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن معاوية : بلغني أنّ رجالاً منكم يحدّثون أحاديث ليست في كتاب اللَّه ولا تؤثر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، واُولئك جهّالكم ، فإيّاكم والأماني التي تضلّ أهلها ، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول : «إنّ هذا الأمر في قريش ، لا يعاديهم أحدٌ إلّا أكبّه اللَّه على وجهه ، ما أقاموا الدين» 2 . ل
وقد لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الاُمراء - ومن قريش بالذات - إذا لم يفعلوا ما وجب عليهم من الحقّ ، فقال فى ما رواه أبو برزة عنه صلى الله عليه وآله : «الاُمراء من قريش - ثلاثاً - لي عليهم حقٌّ ، ولهم عليكم حقٌّ ، ما فعلوا ثلاثاً : ما حكموا فعدلوا . واستُرحِموا فرحِموا . وعاهدوا فَوَفَوْا، فمن لم يفعل ذلك منهم ، فعليه لعنة اللَّه

1.المصنّف لابن أبي شيبة (۳ / ۴۸) رقم (۱۳)

2.صحيح البخاري (۸ / ۱۰۵)

صفحه از 88