الحشويّة الأميريّون - صفحه 31

يخفي ذلك .
2 - وعن طاوس ، قال : ضَعْها في الفُقراء .
3 - عن سعيد بن جبير ، قال : هي إلى ولاة الأمر ،
قال السائل : فإنّ الحجّاج يَبني بها القُصور ، ويضعها في غير مواضعها !
قال سعيد : ضَعْها حيث اُمِرْتَ ۱ .
فإنّ كلام سعيد الأوّل هو على الأصل من التسليم إلى اُمراء الحقّ ، ولكن احتاط من السائل فأطلق الدفع الى ولاة الأمر، ولمّا عرف من السائل السلامةَ ، وأَمِنَ جانبه أن يكون عيناً للدولة ، أجابه بما هو الواجب عليه . وهو وضعها حيث أمره القرآن بوضعه في الفُقراء .
وهذه المواقف الواقعيّة هي التي جعلت بعض الحَشْوِيَّة يتذبذبون ويتردّدون ، لعدم تمكّنهم من إخفاء الواقع عن الاُمّة ، ولا إعْماء أعينهم وإغماضها عمّا يفعله الوُلاة الجبابرة .
فعن جابر بن خيثمة ، قال : سألتُ ابن عمر عن الزكاة؟ فقال : ادفعها إليهم .
ثم سألته : بعدُ ، فقال : لا تدفعها إليهم فإنّهم قد أضاعوا الصلاة .
وهنا تبدو حشويّة ابن عمر بوُضوح ، فإنّه بالرغم من وجود الفرصة التي تمكّنه من التصريح بالحقّ ، وهو عدم إعطاء الزكاة للولاة الفَسقة ، والجورة ، لكنّه لا يُسنده إلّا إلى ظاهر الحديث الذي رُوي له وقيّدوه بقوله : «ما صَلّوُا»!
فجعل دليله على خلاف ما يَراه من التسليم إلى الولاة أنّهم «أضاعُوا الصلاة»!
أما يرى ابن عمر ما يقومُ به الخلفاء والاُمراء من انتهاكهم للحرمات من قتل الأنفس الزكيّة بالعشرات والمئات والآلاف ، وتحت أُذُنه وأنفه ، وأشفار عينه! فضلاً عن أنواع الفحشاء والمنكر .

1.المصنّف لابن أبي شيبة (۳ / ۴۸-۴۹) رقم ۱و۲

صفحه از 88