الحشويّة الأميريّون - صفحه 34

وكذلك الدفاع عن ثغور الإسلام ضدّ هجمات الأعداء من أهمّ الواجبات الكفائيّة على المسلمين عامّة ، ولا يختلف في هذا شخص الأمير مَنْ يكون؟ وهل هو فاسق أو عادل ؟ وذلك أنّ الحماية عن الإسلام واجبٌ على المسلمين ، وليس ممّا ينتفع من أمره الولاةُ بصورةٍ مباشرة .
وأمّا لو كان الأمير داعياً إلى طاعة اللَّه ، في الواجبات كما أمر اللَّه ، ووضعها مواضعها المأخوذة في حقّها ، وشمول النصوص المذكور له فأمرٌ يدخل في المسألة الاُولى .
ولكن البحث عمّا لو لم يفعل ذلك ، فأخلّ بالصلاة وأضاعها ، وأخلّ بحقّ الصدقة فلم يصرفها إلّا في الفجور والخمور وبناء القصور ، ففي أيّ نصٍّ يدخل؟!
إنّ إغفال ابن حزم للنصوص التي تأمر بالإنكار على هذا الأمير المعتدي ، ولعنه ، ووعيده بالنار ، دليل على تحريفه ، وإنّما قال : «وكلّ من دعا من إمام حقّ أو غيره إلى معصية ، فلا سمع ولا طاعة» فتراه يدخل «الإمام الحقّ» في هذا الفَرض ، مع أنّ فرض كونه حقّاً ، يتنافى مع كونه يدعو إلى معصيةٍ ، وإنّما الاُمراء الفجرة والفسقة لا يكون لهم حقّ في الإمامة والولاية .
وأمّا إتباعه هذا الفرض بقوله : «لكلّ امرى ءٍ ما نوى» وقوله : «إنّ اللَّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر» فهو محاولة لتبرئة الاُمراء الدعاة إلى المعصية .
مع أنّ البحث ليس عن «النيّة» التي ينويها الأمير الفاجر ، وإنّما البحث عن فجوره ، واستمراره على السلطة التي تمكّنه من هذا الفجور بأفضل شكلٍ ، وعن تأييده وإعانته على إثمه بالوجود تحت رايته وحكومته والسكوت عنه وعن عدوانه على الحقّ والخَلق .
مع أنّ النصوص القرآنية تنهى عن الإعانة على الإثم والعدوان ، والسنّة الشريفة تهدّد المعين للأئمّة الضالّين .
وأمّا تأييد الدين بالرجل الفاجر ، فيعني الرجل الواحد الذي يقومُ بما يجري

صفحه از 88