الحشويّة الأميريّون - صفحه 35

على يده من الخير كعملٍ فرديٍّ يؤجر عليه ويُثاب ولا علاقة له بكونه أميراً أو غيره ، ولا يأمر بالسكوت على ظلمه وفجوره ، وعدم نهيه والإنكار عليه .
وأمّا تعلّقه بقوله تعالى : (انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً) وأنّ اللَّه قد علم أنه سيكون اُمراء فُسّاق ، فلم يخصّهم من غيرهم .

فالمغالطة واضحة :

فأوّلاً : إنّ الآية تبيّن أصل النفر والأمر به ، لا المنفور معه ، فالمحدّد له هو النُصوص الاُخرى .
وثانياً : إنّ اللَّه تعالى خَصّ الاُمراء بأن يكونوا ممّن أطاع اللَّه ولم يدع إلى معصيته ، كما قرّر ابن حزم نفسه ، إذ لا سمع ولا طاعة حينئذ ، كما دلّ على ذلك قوله : (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) .
وأمّا الجهاد - معه - ضدّ الكفّار ، فلا يعني الاعتراف بإمارته ، ولا السمع له أو الطاعة له ، لو كان فاسقاً ، بل من باب المحافظة على الأهمّ والأوجب والأصل .
والبحث عن إمارة الفاسق لا تختصّ باُمور الجهاد ضدّ الكفّار ، بل تعمّ الحرب مع معارضيه والوقوف معه في مظالمه ، وإعطاء الصدقات له ، وعدم الإنكار على جرائمه ، وكلّ ذلك في حالة السلم وعدم الحروب الخارجيّة .
فلماذا يجرّ البحث - بل يخصّه - إلى غيره؟
وأمّا قوله : «ولا إثم - بعد الكفر - أعظم من إثم مَنْ نهى عن جهاد الكفّار ، وأمر بإسلام حريم المسلمين إليهم ، من أجل فسق رجلٍ مسلم» .
فهذا اتّهام لمن يُحادد الأمير الفاسِق من أجل ظلمه وفسقه وتشويهه لسمعة الإسلام واعتدائه على حقّ اللَّه وحقّ الناس، ولاربط بذلك لجهاد الكفّار ، كما أسلفنا ، فضلاً عن إسلام حريم المسلمين إليهم .
فليس كل مَنْ يُعارض الحاكم الفاسق العاصي للَّه والرسول والمدّعي للإسلام قولاً ، والمخالف له عملاً ، يُقال في حقّه إنّه ناهٍ عن جهاد الكفّار!.

صفحه از 88