الحشويّة الأميريّون - صفحه 36

بل ، فيهم من يَرى أنّ وجود الأمير الفاسق ، انتصار للكفّار لقيام هذا الأمير الفاجر ، بما ربما يعجز عنه الكفّار في بلاد المسلمين من قتل خيارهم ، وإبادة ممتلكاتهم وهتك أعراضهم ، كما ترى في يومنا هذا - من حُكّام المسلمين تجاه المؤمنين من المواطنين - وهم يُصافحون اليهود والنصارى ويحتضنونهم ويُباركون لهم!.
وأمّا قوله : «من أجل فسق رجلٍ مسلم ، لا يحاسب غيره بفسقه» .
فهو تهوينٌ لفسق الأمير ، وكأنّه فسقُ رجل من عامّة الناس .
مع أنّ فسقه يعتبر جريمة كبيرة باعتباره يُمثّل القمّة في المسلمين ، وعلى أنّ الناس على دين ملوكهم ، فإذا وجدوهم يفسقون فهم يتجرأون على المعاصي ، وفيه تشويه لسمعة الدين والشريعة ، حيث لم يأتمر بها أولو أمرها!.
ومع أنّ الفسقة لا يكتفون بالقليل ممّا يفعلون ، ما لم يجعلوا فعالهم ديناً وشريعة يمشي الناس عليها ، ينشرون ذلك حتّى يخفّفوا من وطأة الجريمة عن أنفسهم .
والأهم من ذلك أنّ قيامهم بذلك إنّما هو بإمكانات المسلمين ومن أموال بيت المال ، وعلى حساب الدولة الإسلاميّة؟.
فهل فسق الأمير يُساوي فسق أيّ إنسانٍ آخر؟
وأمّا قوله : «لا يُحاسب غيره بفسقه» .
فهو كلام باطلٌ ، فإنّ فسق الأمير ، وقيامه بالمظالم وانتهاك المحارم ، إنّما يكون نتيجة أمرين ، هما من غيره :
الأوّل : مساعدة أعوان الظلمة المستَأجَرين ، والمرتزقة من حوله ، وخاصّة علماء السوء الذين يُصدّقون بكذبه ، ويُزيّنون له أفعاله وجرائمه ، وهم يدُه وعيُنه ورجلُه ، بهم يعملُ ويَرى ويَسير ، ولولاهم لما قدرَ على القيام بأقلّ القليل .
والآخر : سكوتُ المسلمين على أفعاله وقبائحه وجرائمه ومظالمه ، فلو وقف المسلمون في وجهه ، وتعرّضُوا لأعماله ، لوقف عند حدّه .

صفحه از 88