الحشويّة الأميريّون - صفحه 39

وقال : ( المُؤْمِنُونَ واْلمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أولياءُ بَعْضٍ يأمرونَ بِاْلمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ اْلمُنْكَرِ ) .
فبدأ اللَّه بالأمر بالمعروفِ والنّهي عن المنكر فريضةً منه لعلمِه بأنَّها إذا أُدِّيَتْ وأُقيمت استقامتِ الفرائضُ كلُّها هَيِّنُها وصَعْبُها ، وذلك أنّ الأمرَ بالمعروفِ والنّهيَ عَن المُنْكر دعاءٌ إلى الإسلام مع ردِّ المَظَالِم ومخالفةِ الظّالمِ وقسمةِ الفَي ء والغنائمِ وأخذِ الصَّدَقاتِ من مواضِعِها ووضعِها في حقّها .
ثمّ أنتم أيّتُها العصابةُ عصابةٌ باْلعِلْمِ مشهورةٌ وبالخيرِ مذكورةٌ وبالنصيحة معروفة وباللَّه في أنفُسِ النّاسِ مهابةٌ ، يهابُكُمُ الشّريفُ وَيُكْرِمُكُمُ الضعيفُ وَيُؤْثُِركُم مَنْ لا فضلَ لكم عليه ، ولا يدَ لكم عنده ، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت مِنْ طُلابِها ، وتمشُونَ في الطّريقِ بهيبة الملوك وكرامة الأكابرِ .
أليس كُلّ ذلك إنّما نِلتُموهُ بما يُرجى عندكُم من القيامِ بحقِّ اللَّه وإن كنتم عن أكثر حقّهِ تقصُرُونَ فاسْتَخْفَفْتُمْ بحقّ الأئمّة ، فأمّا حقّ الضُّعَفاءِ فَضَيَّعْتُمْ ، وأمّا حقّكم بزعْمِكُمْ فَطَلَبْتُم ، فَلا مالاً بذلتموه ، ولا نفساً خاطَرْتُم بِها للّذي خلَقَها ، ولا عشيرةً عاديتموها في ذاتِ اللَّه .
أنتُم تتمنّونَ على اللَّه جَنَّتَهُ ومجاورةَ رُسُلِهِ وأماناً من عذابهِ !
لقد خشيتُ عليكم - أيُّها المُتَمَنّونَ على اللَّه - أن تَحِلَّ بكُم نقمةٌ مِن نقماتِهِ لأنّكم بلغتم من كرامة اللَّه منزلة فُضّلتمْ بها ، ومن يُعرَفُ باللَّه لا تُكْرِمُونَ ، وأنتُم باللَّه في عباده تُكْرَمُونَ .
وقد تَرَوْنَ عهودَ اللَّه منقوضَةً فلا تَفزَعُون ، وأنتُم لبعضِ ذِمَمِ آبائِكُمْ تَفْزَعُون ! وَذِمّةُ رسولِ اللَّه مخفورةٌ ، والعُميُ والبُكُم والزّمنى في المدائنِ مهملة ! لا تَرحَمُونَ ولا في مَنزِلَتِكُم تعملون ، ولا مَنْ عَمِلَ فيها تُعينون . وبالادّهانِ والمُصَانَعَةِ عند الظَلَمَةِ تأمنون .
كُلّ ذلك ممّا أمركم اللَّه بهِ من النّهي والتّناهي وأنتم عنه غافلونَ .

صفحه از 88