القرآن الكريم و مشكلة أخبار الآحاد - صفحه 116

وأكثر صراحةً في ضياع الآيات بعد الرسول هو ما نسب إلى عائشة كما نقله السيوطي : «أخرج ابن ماجه عن عائشة قالت : لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفةٍ تحت سريري، فلمّا مات رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وتشاغلنا بموته، دخل داجنٌ فأكلها» ۱ .
فظهر بكلّ وضوح أنّ فرضيّة نسخ التلاوة لاتجدي نفعاً، لأنّ الآيات أو السور لو كانت تُقرأ في زمن رسول اللَّه، ثمّ ضاعت - إمّا بسبب موت حفّاظ القرآن أو بسبب أكل داجنٍ أو غير ذلك - فلسائل أن يسأل :
مَن نسخ هذه الآيات أو السور المزعومة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله ؟
هل جاء نبيٌّ بعد محمّد صلى الله عليه وآله؟
ولذلك قال السيّد الخوئي طاب ثراه : وغير خفيٍّ أنّ القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف والإسقاط ۲ .

موقف الشيعة :

لقد رأينا أنّ القول بنسخ التلاوة والتشبّث به لحلّ هذه المعضلة لايسمن ولايغني من جوعٍ، فالآن بقى علينا أن نرى كيف تعالج الشيعة مثل هذه الروايات . نظرتنا إلى الأحاديث ومجاميعها تختلف كليّةً عن نظرة العامّة، فإنّ الشيعة لايعتقدون بعصمة أيّ مصنِّف أو مفسِّر أو محدِّث - كائناً من كان - عن الخطأ والزلل، وبناءً على هذا لايقولون بصحّة أيّة مجموعةٍ للأحاديث بتمامها .
والكتاب الوحيد الذي يعتقدون بصحّته ومصونيّته عن كلّ نقص أو خلل هو كتاب اللَّه المجيد الفرقان الحميد، الذي قال اللَّه سبحانه وتعالى في حقّه : ( وَإِنَّهُ

1.الدرّ المنثور : ج ۲ ص ۱۳۵ ، مسند أحمد بن حنبل (مصر ۱۳۱۳ه) ج ۶ ص ۲۶۹ ، سنن ابن ماجه : ص ۶۲۶ ، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (مصر) : ص ۲۱۰

2.البيان في تفسير القرآن للخوئي : ص ۲۲۴

صفحه از 122