الإماميّة و الزيديّة يداً بيدٍ في حماية تراث أهل البيت (ع) - صفحه 282

ولم ينسحبوا عن المواقع الهامّة ، ولم يقنعوا بتأسيس دويلة في بقعة نائية من البلاد الإسلاميّة الكبرى ، تاركين للاُمّة وهواها ، والحاكمين وأهواءهم .
بل ، زهد أئمّتنا الكرام عن مثل تلك الحكومات الصغيرة ، والمؤقّتة ، وذوات المجموعات المحدودة من الناس والشعب والاُمّة ، وبقوا في مراكز العلم والدين والقوى ، يُنابذون الأعداء ، ويُعارضون أفكارهم ، ويهاجمون خططهم ، ولا يبالون بما يصيبهم من أذىً وقتلٍ وسجنٍ وتعذيبٍ ومطاردةٍ وإهانةٍ ، فإنّ ذلك في سبيل اللَّه يهون .
ولقد كان من أبرز آثار هذا الوجود :
1 - استمرار المدارس الدينيّة الأصيلة ، للفكر الإسلاميّ الإماميّ ، وانتشاره مع رواته وتلامذته في أنحاء العالم الإسلاميّ ، ونفوذه إلى المدارس الاُخرى الموجودة معها في عواصم الدولة ، والمدن الكبرى ، بحيث تجد حديث الأئمّة الحاوي لفكرهم منشوراً وموجوداً في تراث المدارس العامية ، بشكل ملحوظ ، بالرغم من الحذف والتشذيب الذي أجروه، بإخلائه من فكرالأئمّة ، وباسم تأليف «الصحاح»!.
2 - الحدّ من الانحراف العميق الذي كان الحكّام ، وبواسطة وعّاظ السلاطين ، يوجّهون إليه فكر الاُمّة وشريعتها ، وذلك بالمعارضة والجدال والبحث ، وبإعلان الرأي المخالف للباطل ، والمؤيّد بأدلّة الحقّ من الكتاب والسنّة .
3 - وبالتالي الإعلان عن واقع الإسلام وحقّه ، وحقّ الدماء الزكيّة التي اُريقت وتراق في أقطار الأرض التي يقوم عليها والٍ باسم الإسلام ، بينما هو أبعد ما يكون من علمه ، ومعرفته ، وعدله ، وإنصافه ، وزهده ، وتقواه ، ونوره ، وهدايته ، ورأفته ، ورحمته .
إنّ الجهاد الذي تحقّق على أيدي الأئمّة : بهذا الشكل لهو عين الهدف للجهاد الذي قام به أبطال أهل البيت عليهم السلام من التضحيات بالنفوس الطاهرة ، والدماء الزكيّة ، بل هو أقوى أثراً ، وأخلد ذكراً ، وأوسع نطاقاً .

صفحه از 319