الإماميّة و الزيديّة يداً بيدٍ في حماية تراث أهل البيت (ع) - صفحه 283

(3)
إنّ ظهور الأئمّة الاثني عشر : إلى جانب جهاد الأئمّة الزيديّة؛ كان داعياً إلى وقوف أتباعهما موقفاً واحداً ضدّ العدوّ المشترك ، وهم بنو اُميّة والعبّاس ، من الحكّام الجهلة الفسقة الجائرين .
فقد كان - أتباع أهل البيت - بعضهم سنداً لبعض في مناطق اجتماعهم ، كالكوفة وبغداد ، والريّ وخراسان ، ضدّ الفرق المعادية من ناصبة ، وخوارج ، ومعتزلة ، وحشوية ، وغيرها .
وكما أشرنا سابقاً؛ فإنّ دخول عهد الغيبة ، وخاصّة الكبرى (عام 329ه) أبرز الانفصال .
وبانحسار الزيديّة إلى اليمن ، وانحصار نشاطها بتلك الديار وجبالها ، نجد ابتعاداً علميّاً واجتماعياً ، ممّا أدّى إلى الابتعاد الفكري والوحشة المذهبيّة .
وفي هذه الفترة بالذات نجد الكثير من المحاورات التي جرتْ بين الزيديّة الذين استوحشوا من الغيبة واستغربوها ، بل ، وجدها زعماؤهم معارضةً قويّةً لنظريّة الإمامة الحاضرة التي يتولّونها .
وكذلك دافع الإماميّة عن اعتقاد الغيبة ، باعتبارها من الاُمور التي قدّرها اللَّه وفرضها ، وأنبأ عنها الرسول والأئمّة الأطهار ، منذ صدر الرسالة وإلى حين وقوعها ، وفرضوا الإيمان بها على الأمّة ، وجعلوا انتظار الفرج من أفضل الأعمال ، وقد ألّف العلماء في ذلك الكتب الكثيرة الجامعة للأدلّة القويّة والمحكمة .
وربما - بل: قد - وقعَ في خلال هذه المحاورات ما يُسي ءُ إلى الأطراف ، ممّا ليس في مصلحة الجميع ، وقد - وربما - أفرط بعضٌ في حديثه ، أو فرّط ، بما يثقل على الناظرين والقارئين اليوم .
لكن الاُمور لابدّ أنْ تُقدّرَ بظروفها ، وهي مرهونةٌ بأوقاتها ، ولايمكن أن تكون تصرّفات أولئك ملاكاً ، ولا أساساً ، ولا حكماً فاصلاً ،يحكم به على

صفحه از 319