(7)
والذي يعكّر صفو هذه الفائدة الهامّة ، ويخدش في قيمتها: أنّ الكتاب ، كما صرّح مؤلّفه وضع لنقد المذهب الإماميّ في فكره وفقهه ، وهو طبيعيّ أن يردّ العلماء بعضهم على بعضٍ ، لكنّ هذه النسخة التي وقفتُ عليها مشحونةٌ بالإفراط والتفريط ، وبالمغالطات ، ممّا يَرْبَؤُ العاقلُ العالمُ أن يأتي بمثلها .
مع ضعف في الاستدلال والنقض لايتناسب وما عُرف عن الزيديّة عامّة ، وعن الإمام المنصور باللَّه بالخصوص ، في فضله وأدبه .
فقلت في نفسي : إمّا:
أن يكون الكتاب منسوباً في نسخته هذه ؟
أو يكون قد دسّ فيه وزيد عليه ما لايُناسب مقام المنصور ؟ !
أو يكون قد جمعه تحت تأثيرات سياسيّة ونفسية خاصّة .
وأقرب الفروض : أنّ من كان الإمام واقفاً ضدّهم من العبّاسية أو الإسماعيليّة ، تسلّلوا إليه ، ورفعوا إليه ما أثاره على الإماميّة ، ليغيّروا وجهته إلى صرف الجهد والوقت والفكر في الردّ عليهم ، وتخفّف سطوته على اُولئك .
وإلّا ، فبأيّ وجهٍ ومبرّرٍ يقوم بتأليف هذا الكتاب ، وهو في أوج قدرته عام 610ه وقبل (4) سنوات من وفاته ! وهو أحوج ما يكون إلى مزيد من الوفاق مع من يشترك معهم في أكثر الاُصول ، وأكثر من فرع ، ومَن يشترك معه في المعارضة لنظام الخلافة الفاسد ، وللملاحدة والفرق الباطلة الاُخرى ؟
إنّ الإماميّة والزيديّة يشتركان - كما سبق - في أكثر من عقيدةٍ وفتوى وتاريخ وحديث ، ونصّ ، ورواية ، ورأي .
فلماذا يغضّ النظر عن كلّ تلك المشتركات ، ويستنبط مواضع الخلاف وينبش مزالق الفرقة ، على أنّ أكثرها تهمٌ مزوّرةٌ ، أو ناشئة من سوء الفهم أو الخطأ في التعبير، أو الغلط في النسخ ، أو الاختلاف في المصطلح ، أو التحريف والتصحيف.