وإليكم تلك المقدّمة :
الحمد للَّه ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد سيّد الأنبياء والمرسلين ، وعلى آل محمّد أهل البيت الطاهرين ، وعلى الصحابة الأبرار ، والتابعين الأخيار ، وعلى مواليهم ومتابعيهم ما بقي الليل والنهار .
وبعد : فإنّ التقديم لمثل هذا الكتاب الكبير يقتضي من الوقت والجهد الشي ء الكثير ، حتّى يكون الحديث وافياً ومؤدّياً للحقّ الذي يجب ، ولا أملك - في ظروفي الخاصّة - مثل ذلك .
إلّا أنّ النزول عند رغبة الإخوان أوجب الاقتصار على هذه العُجالة ، حتّى لا أكون مخلّاً بهذا الواجب ، وإن لم أُدرك الأقلّ ، فأقول - مستعيناً باللَّه - :
منذُ وضع الاستعمار الخبيث قدمه المشؤومة على أرض المسلمين ، لاهثاً وراء أطماعه في الثروات المعدنيّة وغيرها ، وخاصةً «الذهب الأسود» الذي منّ اللَّه به على المسلمين ، وهادفاً لتسويق بضائعه في بلاد الإسلام ، وساعياً في الاستيلاء على المناطق الاستراتيجيّة في هذا الجزء من العالم .
وجد - منذ تلك الوهلة - أنّ المعارض القويّ الوحيد ، ضدّ أطماعه ، وأهدافه ، ومساعيه ، هو الدين الإسلامي الحنيف ، بتعاليمه الرصينة القيّمة ، وقوانينه المتينة الصائبة ، وسماحه وخلقه العظيم ، وطهارته ، وصفائه ، وإنسانيّته ، ورأفته ، ومرونته ، و . . .
فحاول المستعمرون معارضة هذا الدين ، وتشويه تعاليمه وسمعته ، وتزييف قوانينه ، بكلّ شكل .
لكنّهم وقفوا من كلّ ذلك على سدودٍ منيعة ، وقواعد محكمة ورصينة ، غير قابلة للريب والتشكيك ، ولا للاختراق والنفوذ ، وخاصة في قلوب المؤمنين