بالإسلام ، والمحبّين له ، والمتمتعين بهداه .
فحاولوا - بشتّى الأساليب - تفريغ قلوب المسلمين من ذلك المبدأ العظيم ، وملئها بمبادئ اُخر : سواء من الأديان كالمسيحيّة ، أو الأحزاب والمنظّمات ، أو حتّى المبادئ الإلحادية والعلمانيّة ، حتّى لا ترتبط الاُمّة بالإسلام ، ولا تستلهم من تعاليمه الداعية إلى الحقّ والحريّة والكرامة ، والباعثة على مواجهة المستعمرين الناهبين لثروات البلاد والعباد .
فلجأ المستعمرون الغواة إلى اُسلوب آخر ، وهو : تسليط السفلة والسفهاء على كراسي الحكم والإدارة في البلاد الإسلامية : فملّكوا كلّ فاسق قاصر ضعيف الإرادة ، وأمّروا كلّ ما جنّ خليع ، ورأّسوا كلّ هجين مأفون .
ومن أساليبهم القذرة : إيعازهم إلى وضع مناهج تعليميّة تتنافى وثقافة الإسلام ، وأعراف الاُمّة ، بغرض صُنْع جيلٍ غير ملتزم بالدين والمعتقد ، يسهل تسييره في الاتجاه الذي يريده الأجانب .
فأصبح أبناء هذا الجيل المتعلّم في مدارس عصر الاستعمار (القرن التاسع عشر الميلادي) هم جنوده المتستّرين باسم العلم ، لكنّهم هم رتله الخامس ، الذين يرقصُون على أنغام أوتاره ، من دون وعيٍ «ولا هدىً ولا كتاب منير» وكلّ واحد منهم «ثاني عطفه» على ما يرسمه له المستعمر من خطط للكيد بالإسلام واُمّته وأرضه ، ونهب تراثه وثرواته «ليضلّ عن سبيل اللَّه» .
وقد كان هذا الجيل المتعلّم هم أبواق الاستعمار في بلاد الإسلام ، وأدواته بين المسلمين ، يطبّلون ويزمّرون له ، ويستهجنون ويقبّحون كلّ ما يمتّ إلى الإسلام من فكر وعقيدة وعلم ومعرفة وآداب وأعراف وفضائل ومكارم ، بينما هم يتبجّحون ويحسّنون ما هو غربيّ ، ويزيّنون للاُمّة أعمال الغربيّين .
ولقد تمكّن الغرب من السيطرة على عيون هؤلاء وعقولهم ، بفعل التقدّم الصناعي والتكنولوجي ، وبالسرعة الفائقة في بلورة المنتجات وتجميلها وتحسين