عملها ، ممّا بهر عقول البشر .
فجعل هؤلاء الأقزام ذلك دليلاً على صحّة ما يقوم به الغرب من نفي الإسلام وتعاليمه ، بل جعلوا ما بُلي به المسلمون من التأخّر على حساب الدين والفكر الدينيّ والعقل الإسلاميّ والوطنيّة والالتزام بالأخلاق والأعراف .
بينما هم في تقييمهم للاستعمار قد «خلطوا عملاً صالحاً ، وآخر سيّئاً»!
إنّ الغربيين إذا كانوا قد قدّموا للبشرية خدمة في مجال الصناعة والتقنية والتكنولوجيا ، فهم أحسنوا بذلك ، لكنّهم قد أساءوا وأجرموا حيث طغوا بذلك في البلاد ، وأفسدوا الحرث والنسل ، وامتهنوا كرامة الإنسان في الجزء الشرقيّ من العالم ، وأثاروا الفتن ونهبوا أموال الشعوب ، وزيّفوا عقائد الشعوب ، وأهدروا ثرواتهم وقدراتهم ، وبذروا في كلّ أرض بذور الشقاق والنفاق والفرقة ، وبكلّ مكرٍ ودهاءٍ ليمكّنوا سيطرتهم على العباد والبلاد .
إنّهم خلطوا ، حينما اعتبروا الإيمان منافياً للعلم ، بينما «العلم يدعو للإيمان» ۱ .
فأيّ مانع لأن يتوصّل الإنسان إلى التقدّم العلمي ، وأن يستفيد من التكنولوجيا الحديثة لأعماله الخيّرة ، وهو مؤمن بالقيم والأعراف الطيّبة والأخلاق الفاضلة !
وهل اللازم لكي يكون عالماً متقدّماً صناعياً أن يكون ملحداً ، أو وحشاً ضارياً ، أو فاسداً خلقيّاً ، كما هُمُ الغربيّون ، اليوم ؟!
إنّ هذا الخلط ، لم يكن إلّا نتيجة تفريغ جيل المتعلّمين عقولهم من المعاني الشريفة التي يحملها الإسلام في دعوته إلى العلم ، والخير ، والجمال ، والحقّ ،
1.لقد ألّف عدّة من الغربيين كتاباً بهذا العنوان ، أثبتوا فيه أنّ القوانين العلمية التي توصّل إليها الغرب وتمكّن بها من التقدّم الصناعي إنّما هي جزء من نظام الكون الذي خلقه اللَّه وهو دليل على وجوده وحكمته