7
تفسیر ابی الجارود و مسنده

له الأجواء لتلقّي الأحاديث الشيعية ونقلها، وأتاحت له الفرصة للاطّلاع على كيفية مواجهة هؤلاء الأئمّة الثلاثة للتيارات الثقافية والسياسية في العالم الإسلامي يومذاك، والتعرّف على كيفية تعاطيهم مع تلك الوقائع .
ج - وقوع ثورة زيد بن عليّ عليه السلام في زمن حياة أبي الجارود، وقد أدت إلى وقوع انشقاق سياسي ومذهبي في موضوع الإمامة، وأثارت قضية شرط الجهاد بالنسبة إلى الإمام. وقد ترك هذا الأمر تأثيرات خاصّة في الفكر السياسي للرواة في هذه الحقبة، ومنهم أبو الجارود، وهو ما ينبغي أن يؤخذ بنظر الاعتبار عند تحليل شخصيّاتهم المذهبية والسياسية.
وفي هذا السياق كانت الآراء المتهافتة التي طرحت في كتب الرجال والتاريخ حول ميول أبي الجارود إلى فرقة الزيدية، وما أعقب ذلك تأسيسه لفرقة الجارودية، قد شوّهت صورته الحقيقية، ولكن لابدّ من التنبيه إلى أنّ هذه الآراء التي طرحت في هذا المجال اطلقَت من غير أن تحلّل ما نقله من روايات.
وفي ضوء الخصائص الثقافية والسياسية للعصر الذي عاشه أبو الجارود، يبدو أنّ من الضروري التوصّل إلى تحليل موثّق حول معتقداته وميوله من خلال دراسة تراثه العلمي، واستجلاء المنعطفات والتغييرات التي حصلت في حياته العلمية والمذهبية.
والهدف الأساسي الذي يرمي إليه هذا الكتاب - خاصّة من بعد إضافة أحاديثه الاُخرى إلى القسم الأخير من الكتاب - هو تمهيد الأجواء من أجل إصدار حكم ونقد علمي منصف حول ما كتبه في تفسير القرآن؛ لكي يتّضح ما هو المذهب الذي كان يميل إليه أكثر من غيره، وما هي التعاليم القرآنية التي كان يحرص على نشرها من خلال ما نقله من الروايات، وإذا اُجريت مثل هذه الدراسة، يمكن حينئذ اتّخاذها كمعيار توزن به آراؤه وميوله.
ومن أجل الوصول إلى هذه الغاية اُعيد استخراج الروايات التفسيرية لأبي الجارود من المصادر الروائية للفريقين، وجُمعت واُعيدت صياغة كتاب التفسير


تفسیر ابی الجارود و مسنده
6

المرجعية القرآنية للمعصومين عليهم السلام في فتح ما استغلق من القضايا التفسيرية.

ومن البديهي أنّ هذه المهمّة لا يتيسّر نوالها إلّا عن طريق الاطّلاع على التراث التفسيري لعهد الإمام الباقر عليه السلام وجهود أصحابه البارزين في مجال البحوث القرآنية؛ وذلك لأنّ ما اُنجِزَ من أعمال في البحوث القرآنية في تلك الحقبة التاريخية يمثّل مرآة تنعكس فيها جميع الأحداث، والوقائع، والتيّارات، والخطابات، والمعتقدات، والتطلّعات، والرؤى، ومابقي طيّ الخفاء من القضايا القرآنية، وتكشف عن كيفية مواجهة الإمام عليه السلام لها، كما أنّها ذات فائدة في تبيين النظرية التفسيرية لأهل البيت عليهم السلام .
ومن أشهر الأعمال في التراث القرآني في تلك الحقبة - وهو عمل يتّسع لمثل هذه التحليلات والمعطيات - هو تفسير زياد بن المنذر المعروف بتفسير أبي الجارود، والذي يتناول في معظمه الروايات التفسيرية للإمام الباقر عليه السلام ، ولكن أصبح من المتعذّر اليوم الحصول على النصّ الكامل لهذا الكتاب، مثلما هو الحال بالنسبة إلى غيره من التراث العلمي لهذه الحقبة؛ وذلك بسبب الممارسات السياسية والثقافية البغيضة التي كان ينتهجها الخصوم والمعاندون ضدّ التراث الشيعي، وهو ما أدّى بالنتيجة إلى ضياع أو إتلاف قسمٍ كثير منه.
ومع ذلك فإنّ بصمات الحضور العلمي لهذا الكتاب مشهودة في تفاسير الفريقين، وفي الجوامع الحديثية للإمامية، وتتّفق فهارس المؤلفات وكتب التراجم والرجال على وجود مثل هذا الكتاب لأبي الجارود.
على صعيد آخر، كانت التحوّلات والتيّارات الدينية والسياسية في زمان أبي الجارود قد أوجدت معالم وسمات خاصّة في شخصيّته، يمكن أن نشير إلى بعضها ضمن الموارد التالية:
أ - إدراكه لبعض الصحابة والتابعين؛ ورغم أنّ مدّة معاصرته للصحابة كانت قصيرة، ولكن كانت له علاقات مع تابعين متعدّدين؛ وأخذ عن عدد من مشايخ الحديث، وهذا ما جعله على معرفة حديثية بالسيرة والسنّة النبوية.
ب - معاصرته تاريخياً لإمامة كلٍّ من الإمام السجّاد والباقر والصادق عليهم السلام وفّرت

  • نام منبع :
    تفسیر ابی الجارود و مسنده
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    130000 ریال
تعداد بازدید : 57203
صفحه از 416
پرینت  ارسال به