وكان من الطبيعي أن يثير مثل هذا القرار حفيظة وجهاء مكّة وكبرائها ، فكتب النّبي صلى الله عليه و آلهكتابا طويلاً توقّيا لاعتراضهم جاء في آخره:
۰.ولا يَحتَجَّ مُحتَجٌّ مِنكُم في مُخالَفَتِهِ بِصِغَرِ سِنِّهِ فَلَيسَ الأَكبَرُ هُوَ الأَفضَلَ ، بَلِ الأَفضَلُ هُوَ الأَكبَرُ . ۱
هذا وقد بقي عتّاب بن أسيد واليا على مكّة إلى آخر حياة النّبي صلى الله عليه و آله، وكان حَسنِ التدبير والولاية.
3 / 3 ـ 3
قائد حرب الروم ، شابّ في الثامنة عشرة
استنفر النّبيّ صلى الله عليه و آله في أواخر حياته لقتال دولة الروم العظمى، فانخرط في جيش المسلمين كبار قوّاد جيشه صلى الله عليه و آله ووجوه المهاجرين والأنصارا.
وكان من البديهي أن يولّي أمر هذا الجيش أكثر قوّاده كفاءة. فأمّر عليه اُسامة بن زيد بعد أن دعاه ، وكان له من العمر آنذاك ثمانية عشرة عاما. ۲
يقع هذا القرار محلاًّ لاعتراض وجوه الصحابة سيما في تلك الظروف السياسية الحسّاسة، ۳ فكشفوا عمّا في الضمير وبسطوا ألسنتهم بالقول: فَتَكَلَّمَ قَومٌ وقالوا : يُستَعمَلُ هذَا الغُلامُ عَلَى المُهاجِرينَ الأَوّلينَ . ۴
فلمّا بلغ النّبي صلى الله عليه و آله ذلك خرج فرقى المنبر مغضبا ، فقال بعد الحمد والثناء:
إنَّ النّاسَ قَد طَعَنوا في إمارَةِ اُسامَةَ ، وقَد كانوا طَعَنوا في إمارَةِ أبيهِ مِن قَبلِهِ ، وإنَّهُما لَخَليقانِ لَها وإنَّهُ لَمِن أحَبِّ النّاسِ إلَيَ آلاً ، فَاُوصيكُم بِاُسامَةَ خَيرا . ۵
1.بحار الأنوار : ج ۲۱ ص ۱۲۳ ح ۲۰ .
2.الطبقات الكبرى : ج ۴ ص ۶۶ .
3.راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۲ ص ۳۹۵ ـ ۴۰۱ (إنفاذ جيش اُسامة) .
4.الطبقات الكبرى : ج ۲ ص ۱۹۰ .
5.الطبقات الكبرى : ج ۲ ص ۲۴۹ ، صحيح البخاري : ج ۳ ص ۱۳۶۵ ح ۳۵۲۴ نحوه .