اهتمّ كثيرا بتعليم المسلمين الكتابة في مكّة و المدينة ، فشاعت الكتابة و ذاعت بين المسلمين ، حتّى إنّه صلى الله عليه و آله في بدر يقبل ممّن لا مال له و هو يحسن الكتابة أن يعلّم عشرا من غلمان الأنصار ۱ . و أمر عبد اللّه بن سعيد أن يعلّم النّاس الكتابة بالمدينة ، و كان محسنا ۲ .
و كثرت الكتابة العربية في المدينة بعد الهجرة ، و لعلّ كلّ ذلك استيحاء منه صلى الله عليه و آله عن القرآن الكريم ، حيث يقسم بالقلم فيقول : «ن وَ الْقَلَمِ وَ مَا يَسْطُرُونَ»۳ ، ويقول : «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الْاءِنسَـنَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْاءِنسَـنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ»۴ .
ويشير سبحانه إلى أهمّية الكتابة ، فيصف القرآن الكريم بالكتاب ويقول : «ذَ لِكَ الْـكِتَـبُ لَا رَيْبَ فِيهِ »۵ ،كما أنّه يصف مانزل على موسى وعيسى ـ على نبيّنا وآله وعليهم السلام ـ بالكتاب ، ويصف الّذين أُنزل عليهم التوراة والإنجيل بأنّهم أهل الكتاب ، بل يصف ما نزل على الأنبياء عليهم السلام بالصحف والكتب ، في قوله : «أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِى الصُّحُفِ الْأُولَى»۶ و «إِنَّ هَـذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَ هِيمَ وَ مُوسَى»۷ و «كُلٌّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ»۸ و «مَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ»۹«وَ لَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ»۱۰ إلى غير ذلك .