15
مكاتيب الأئمّة ج5

اهتمّ كثيرا بتعليم المسلمين الكتابة في مكّة و المدينة ، فشاعت الكتابة و ذاعت بين المسلمين ، حتّى إنّه صلى الله عليه و آله في بدر يقبل ممّن لا مال له و هو يحسن الكتابة أن يعلّم عشرا من غلمان الأنصار ۱ . و أمر عبد اللّه بن سعيد أن يعلّم النّاس الكتابة بالمدينة ، و كان محسنا ۲ .
و كثرت الكتابة العربية في المدينة بعد الهجرة ، و لعلّ كلّ ذلك استيحاء منه صلى الله عليه و آله عن القرآن الكريم ، حيث يقسم بالقلم فيقول : «ن وَ الْقَلَمِ وَ مَا يَسْطُرُونَ»۳ ، ويقول : «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الْاءِنسَـنَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْاءِنسَـنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ»۴ .
ويشير سبحانه إلى أهمّية الكتابة ، فيصف القرآن الكريم بالكتاب ويقول : «ذَ لِكَ الْـكِتَـبُ لَا رَيْبَ فِيهِ »۵ ،كما أنّه يصف مانزل على موسى وعيسى ـ على نبيّنا وآله وعليهم السلام ـ بالكتاب ، ويصف الّذين أُنزل عليهم التوراة والإنجيل بأنّهم أهل الكتاب ، بل يصف ما نزل على الأنبياء عليهم السلام بالصحف والكتب ، في قوله : «أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِى الصُّحُفِ الْأُولَى»۶ و «إِنَّ هَـذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَ هِيمَ وَ مُوسَى»۷ و «كُلٌّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ»۸ و «مَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ»۹«وَ لَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ»۱۰ إلى غير ذلك .

1.راجع : سنن أبي داوود : ج۲ ص۱۱ ، المستدرك على الصحيحين : ج۳ ص۲۳ ، المصنّف لابن عبدالرزّاق : ج۵ ص۲۰۶ و۳۵۲ ، تاريخ الطبري : ج۲ ص۴۶۵ ، الطبقات الكبرى : ج۲ ص۱۴ ؛ بحار الأنوار :ج۱۹ ص۳۵۵ .

2.راجع : الاستيعاب : ج ۲ ص ۳۷۴ ، الإصابة : ج ۲ ص ۳۴۴ ، أُسد الغابة : ج ۳ ص ۱۷۵ .

3.القلم : ۱ .

4.العلق : ۱ ـ ۵ .

5.البقرة : ۲ .

6.الأعلى : ۱۸ و ۱۹ .

7.طه : ۱۳۳ .

8.البقرة : ۲۸۵ .

9.النساء : ۱۳۶ .

10.الأنبياء : ۱۰۵ .


مكاتيب الأئمّة ج5
14

قال : الأئمّة من ولدك ، بهم تُسقى أُمّتي الغيث ، و بهم يُستجاب دعاؤهم ، و بهم يصرف اللّه عنهم البلاء ، و بهم تنزل الرّحمة من السماء ، و هذا أوّلهم ـ و أومأ بيده إلى الحسن عليه السلام ، ثمّ أومأ بيده إلى الحسين عليه السلام ، ثمّ قال عليه السلام ـ : الأئمّة من ولده » . 1
و عن الحارث الأعور ، عن عليّ عليه السلام ، قال : « قيّدوا العلم ، قيّدوا العلم » ، مرّتين . 2 و قال عليه السلام : « من يشتري منّي علما بدرهم ؟ » أو « يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم » . 3
عن شرحبيل بن سعد ، قال : دعا الحسن بن عليّ بنيه و بني أخيه ، فقال : « يا بني و بني أخي ، إنّكم صغار قومٍ يوشك أن تكونوا كبار قومٍ آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه فيكتبه و يضعه في بيته » . 4
هذا كلّه في الاهتمام بكتابة العلم المرويّ عن النبيّ الأقدس صلى الله عليه و آله . و أمّا ما روى الأئمّة من ولده ـ صلوات اللّه عليه ـ ، فكثير لا تسعه هذه العجالة .
كما أنّه صلى الله عليه و آله على رغم أنّه كان أُميّا بعث في الاُميّين ، فقال صلى الله عليه و آله : « إنّي بُعثت إلى أُمّة أُميّة» 5 ، و « إنّا أُمّة أُميّة لا نكتب و لا نحسب » 6 ، فلم يكن ـ حينما بُعث ـ في مكّة و المدينة من يحسن الكتابة إلّا القليل .

1.كمال الدين وتمام النعمة : ص ۲۰۶ ح ۲۱ عن أبي الطفيل ، علل الشرائع : ص ۲۰۸ ح ۸ ، الإمامة والتبصرة : ص۵۴ ، بصائر الدرجات : ص ۱۸۷ ح ۲۲ ، بشارة المصطفى : ص ۱۳۳ ، بحار الأنوار : ج ۳۶ ص ۲۳۲ ح ۱۴ .

2.تقييد العلم : ص ۸۹ و۹۰ .

3.العلل لابن حنبل : ج ۱ ص ۲۱۳ ح ۲۳۴ ، تاريخ بغداد : ج ۸ ص ۳۵۲ ، الطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۱۶۸ ، تاريخ دمشق : ج ۴۶ ص ۳۰۱ ، كتاب العلم لأبي خيثمة النسائي : ص ۳۴ ؛ الغارات : ج ۲ ص ۷۱۸ وفيهم : «قال علي عليه السلام : من يشتري منّي علما بدرهم ، قال أبو خيثمة : يقول : يشترى صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم» .

4.سنن الدارمي : ج ۱ ص ۱۳۰ ، تاريخ دمشق : ج ۱۳ ص ۲۵۹ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۲۷ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۱۵۲ ح ۳۷ .

5.صحيح ابن حبّان : ج ۳ ص ۱۴ ، تفسير القرطبي : ج ۱ ص ۴۲ ، مسند أبي داوود الطيالسي : ص ۷۳ .

6.صحيح البخاري : ج ۲ ص ۲۳۰ ، صحيح مسلم : ج ۳ ص ۱۲۴ ، سنن أبي داوود : ج ۱ ص ۵۲۰ ، سنن النسائي : ج ۴ ص ۱۳۹ ، مسند ابن حنبل : ج ۲ ص ۴۳ ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج ۱ ص ۱۹۸ ، بحار الأنوار : ج ۱۶ ص۱۳۴ ح ۷۵ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 110669
صفحه از 464
پرینت  ارسال به