وَ قَوامَهُ يَكونُ بِالطَّعامِ وَ الشَّرابِ ، وَ فَسادَهُ يَكونُ بِهِما ، فَإِن أَصلَحتَهُما صَلَحَ البَدَنُ ، وَ إِن أَفسَدتَهُما فَسَدَ البَدَنُ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ قُوَّةَ النُّفوسِ تابِعَةٌ لاِمزِجَةِ الأَبدانِ ، وَ أَنَّ الأَمزِجَةَ تابِعَةٌ لِلهَواءِ ، وَ تَتَغَيَّرَ بِحَسَبِ تَغيُّرِ الهَواءِ في الأَمكِنَةِ ، فَإِذا بَرَدَ الهَواءُ مَرَّةً وَ سَخَنَ أُخرى ، تَغَيَّرَت بِسَبَبِهِ أَمزِجَةُ الأَبدانِ ، وَ أَثَّر ذلِكَ التَّغَيُّرِ فِي الصُّورِ ، فَإِذا كانَ الهَواءُ مُعتَدِلاً اعتَدَلَت أَمزِجَةُ الأَبدانِ ، وَ صَلَحَت تَصَرُّفاتِ الأَمزِجَةِ في الحَرَكاتِ الطَّبيعيَّةِ ، كالهَضمِ ، وَ الجِماعِ ، وَ النَّومِ ، وَ الحَرَكَةِ ، وَ سائِرَ الحَرَكاتِ ؛ لِأَنَّ اللّهَ تَعالى بَنى الأَجسامَ عَلى أَربَعِ طَبائِعٍ ، وَ هي : المِرَّتانِ ، وَ الدَّمِ ، وَ البَلغَمِ . وَ بِالجُمَلَةِ : حارَّانِ وَ بارِدانِ ، قَد خُولِفَ بَينَهُما ، فَجَعَلَ الحارَّينِ لَيِّنا و يابِسا ، وَ كَذلِكَ البارِدَينِ رَطبا وَ يابِسا ، ثُمَّ فَرَّقَ ذلِكَ عَلى أَربَعَةِ أَجزاءٍ مِنَ الجَسَدِ ، وَ عَلى الرَّأسِ ، وَ الصَّدرِ ، وَ الشَّراسيفِ ، وَ أَسفَلِ البَطنِ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ الرَّأسَ وَ الأُذُنَينِ وَ العَينَينِ وَ المَنخَرينِ وَ الفَمَ و الأَنفَ مِنَ الدَّمِ ، وَ أَنَّ الصَّدرَ مِنَ البَلغَمِ وَ الرِّيحِ ، وَ الشَّراسيفَ مِنَ المِرَّةِ الصَّفراءِ ، و أَنَّ أَسفَلَ البَطنِ مِنَ المِرَّةِ السَّوداءِ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ النَّومَ سُلطانُ الدَّماغِ ، وَ هوَ قِوامُ الجَسَدِ وقوّته ، فَإِذا أَرَدتَ النَّومَ فَليَكُن اضطِجاعُكَ أَوّلاً عَلى شَقِّكَ الأَيمَنِ ، ثُمَّ انقَلِب عَلى الأَيسَرِ ، وَ كَذلِكَ فَقُم مِن مَضجَعِكَ عَلى شَقِّكَ الأَيمَنِ كَما بَدَأتَ بِهِ عِندَ نَومِكَ . وَ عَوِّد نَفسَكَ القُعودَ مِنَ اللَّيلِ ساعَتَينِ مِثلُ ما تَنامَ . فَإِذا بَقيَ مِنَ اللَّيلِ ساعَتانِ فَادخُل ، وَ ادخُلِ الخَلاءِ لِحاجَةِ الإِنسانِ ، وَ البَث فيهِ بِقَدرِ ما تَقضيَ حاجَتَكَ ، وَ لا تُطِل فيهِ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ يُورِثُ داءَ الفيلِ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : إِنَّ أَجوَدَ ما استَكتَ بِهِ ليفُ الأَراكِ ، فَإِنَّهُ يَجلو الأَسنانَ ، وَ يُطيبُ النَّكهَةَ ، وَ يَشُدُّ اللَّثَّةَ وَ يُسَنِّنُها ، وَ هوَ نافِعٌ مِنَ الحَفرِ إِذا كانَ بِاعتِدالٍ ، وَ الإِكثارُ مِنهُ يَرِقُّ الأَسنانَ وَ يُزَعزِعُها ، وَ يُضَعِّفُ أُصولَها . فَمَن أَرادَ حِفظَ الأَسنانِ فَليَأخُذ قَرنَ الإِيلِ مُحرَقا ، وَ كَزمازَجا ، وَ سَعدا ، وَ وَردا ، وَ سُنبُلَ الطِّيبِ ، وَ حَبَّ الأَثلِ ، أَجزاءً سواءً ، وَ مِلحا أَندَرانيّا رُبُعَ جُزءٍ ، فَيُدَقُّ الجَميعَ ناعِما وَ يُستَنَّ بِهِ ، فَإِنَّهُ يُمسِكُ الأَسنانَ ، وَ يَحفَظُ