223
مكاتيب الأئمّة ج5

وَ قَوامَهُ يَكونُ بِالطَّعامِ وَ الشَّرابِ ، وَ فَسادَهُ يَكونُ بِهِما ، فَإِن أَصلَحتَهُما صَلَحَ البَدَنُ ، وَ إِن أَفسَدتَهُما فَسَدَ البَدَنُ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ قُوَّةَ النُّفوسِ تابِعَةٌ لاِمزِجَةِ الأَبدانِ ، وَ أَنَّ الأَمزِجَةَ تابِعَةٌ لِلهَواءِ ، وَ تَتَغَيَّرَ بِحَسَبِ تَغيُّرِ الهَواءِ في الأَمكِنَةِ ، فَإِذا بَرَدَ الهَواءُ مَرَّةً وَ سَخَنَ أُخرى ، تَغَيَّرَت بِسَبَبِهِ أَمزِجَةُ الأَبدانِ ، وَ أَثَّر ذلِكَ التَّغَيُّرِ فِي الصُّورِ ، فَإِذا كانَ الهَواءُ مُعتَدِلاً اعتَدَلَت أَمزِجَةُ الأَبدانِ ، وَ صَلَحَت تَصَرُّفاتِ الأَمزِجَةِ في الحَرَكاتِ الطَّبيعيَّةِ ، كالهَضمِ ، وَ الجِماعِ ، وَ النَّومِ ، وَ الحَرَكَةِ ، وَ سائِرَ الحَرَكاتِ ؛ لِأَنَّ اللّهَ تَعالى بَنى الأَجسامَ عَلى أَربَعِ طَبائِعٍ ، وَ هي : المِرَّتانِ ، وَ الدَّمِ ، وَ البَلغَمِ . وَ بِالجُمَلَةِ : حارَّانِ وَ بارِدانِ ، قَد خُولِفَ بَينَهُما ، فَجَعَلَ الحارَّينِ لَيِّنا و يابِسا ، وَ كَذلِكَ البارِدَينِ رَطبا وَ يابِسا ، ثُمَّ فَرَّقَ ذلِكَ عَلى أَربَعَةِ أَجزاءٍ مِنَ الجَسَدِ ، وَ عَلى الرَّأسِ ، وَ الصَّدرِ ، وَ الشَّراسيفِ ، وَ أَسفَلِ البَطنِ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ الرَّأسَ وَ الأُذُنَينِ وَ العَينَينِ وَ المَنخَرينِ وَ الفَمَ و الأَنفَ مِنَ الدَّمِ ، وَ أَنَّ الصَّدرَ مِنَ البَلغَمِ وَ الرِّيحِ ، وَ الشَّراسيفَ مِنَ المِرَّةِ الصَّفراءِ ، و أَنَّ أَسفَلَ البَطنِ مِنَ المِرَّةِ السَّوداءِ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ النَّومَ سُلطانُ الدَّماغِ ، وَ هوَ قِوامُ الجَسَدِ وقوّته ، فَإِذا أَرَدتَ النَّومَ فَليَكُن اضطِجاعُكَ أَوّلاً عَلى شَقِّكَ الأَيمَنِ ، ثُمَّ انقَلِب عَلى الأَيسَرِ ، وَ كَذلِكَ فَقُم مِن مَضجَعِكَ عَلى شَقِّكَ الأَيمَنِ كَما بَدَأتَ بِهِ عِندَ نَومِكَ . وَ عَوِّد نَفسَكَ القُعودَ مِنَ اللَّيلِ ساعَتَينِ مِثلُ ما تَنامَ . فَإِذا بَقيَ مِنَ اللَّيلِ ساعَتانِ فَادخُل ، وَ ادخُلِ الخَلاءِ لِحاجَةِ الإِنسانِ ، وَ البَث فيهِ بِقَدرِ ما تَقضيَ حاجَتَكَ ، وَ لا تُطِل فيهِ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ يُورِثُ داءَ الفيلِ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : إِنَّ أَجوَدَ ما استَكتَ بِهِ ليفُ الأَراكِ ، فَإِنَّهُ يَجلو الأَسنانَ ، وَ يُطيبُ النَّكهَةَ ، وَ يَشُدُّ اللَّثَّةَ وَ يُسَنِّنُها ، وَ هوَ نافِعٌ مِنَ الحَفرِ إِذا كانَ بِاعتِدالٍ ، وَ الإِكثارُ مِنهُ يَرِقُّ الأَسنانَ وَ يُزَعزِعُها ، وَ يُضَعِّفُ أُصولَها . فَمَن أَرادَ حِفظَ الأَسنانِ فَليَأخُذ قَرنَ الإِيلِ مُحرَقا ، وَ كَزمازَجا ، وَ سَعدا ، وَ وَردا ، وَ سُنبُلَ الطِّيبِ ، وَ حَبَّ الأَثلِ ، أَجزاءً سواءً ، وَ مِلحا أَندَرانيّا رُبُعَ جُزءٍ ، فَيُدَقُّ الجَميعَ ناعِما وَ يُستَنَّ بِهِ ، فَإِنَّهُ يُمسِكُ الأَسنانَ ، وَ يَحفَظُ


مكاتيب الأئمّة ج5
222

هذه تمام الرّسالة نقلاً عن كتاب الرّسالة الذّهبيّة .
وللاختلاف الكثير بين نسخة بحار الأنوار و الرّسالة الذهبية تحقيق محمّد مهدي نجف ، نأتي بالباقي من الرّسالة ، من « الزِّبيب و يُنضج ، ثمّ يعصر . . . » إلى نهاية الرّسالة نقلاً عن نسخة بحار الأنوار من دون نقل اختلاف النّسخ لمزيد الفائدة إن شاء اللّه تعالى ، وهي :
الزّبيبُ وَ يَنضَجَ ، ثُمَّ يُعصَرُ وَ يُصَفَّى ماؤُهُ وَيُبَرَّدُ ، ثُمَّ يُرَدُّ إِلى القِدرِ ثانيا ، وَ يُؤخَذُ مِقدارَهُ بِعودٍ ، وَ يُغلى بِنارٍ لَيِّنَةٍ غَلَيانا لَيِّنا رَقيقا ، حتّى يَمضي ثُلُثاهُ وَ يَبقى ثُلثُهُ . ثُمَّ يُؤخَذُ مِن عَسَلِ النَّحلِ المُصَفَّى رِطلٌ ، فَيُلقى عَلَيهِ ، وَ يُؤخَذُ مِقدارَهُ وَ مِقدارَ الماءِ إِلى أَين كانَ مِنَ القِدرِ ، وَ يُغلى حَتَّى يَذهَبَ قَدرُ العَسَلِ وَ يَعودَ إِلى حَدِّهِ ، وَ يُؤخَذُ خِرقَةٌ صَفيقَةٌ فَيُجعَلُ فيها زَنجَبيلٌ وَزنَ دِرهَمٍ ، وَ مِنَ القَرَنفُلِ نِصفُ دِرهَمٍ ، وَ مِنَ الدَّارچينيِّ نِصفُ دِرهَم ، وَ مِنَ الزَّعفرانِ دِرهَمٌ ، وَ مِن سُنبُلِ الطِّيبِ نِصفُ دِرهَمٍ ، وَ مِنَ الهِندَباءِ مِثلُهُ ، وَ مِن مَصطَكيّ نِصفُ دِرهَمٍ ، بَعدَ أَن يُسحَقَ الجَميعُ كُلَّ واحِدَةٍ عَلى حِدَةٍ ، وَ يُنخَلَ وَ يُجعَلَ في الخِرقَةِ ، وَ يُشَدَّ بِخَيطٍ شَدَّا جَيِّدا ، وَتُلقى فيهِ ، وَ تُمرَسَ الخِرقَةُ في الشَّراب بِحَيثُ تَنزِلُ قُوى العقاقيرِ الَّتي فيها ، وَلا يَزالُ يُعاهَدُ بِالتَّحريكِ عَلى نارٍ لَيِّنَةٍ بِرِفقٍ حَتَّى يَذهَبَ عَنهُ مِقدارُ العَسَلِ ، وَ يُرفَعَ القِدرُ وَ يُبَرَّدَ ، وَ يُؤخَذَ مُدَّةَ ثَلاثَةِ أَشهُرٍ حَتَّى يَتَداخَلَ مِزاجُهُ بَعضُهُ بِبَعضٍ ، وَ حِينَئِذٍ يُستَعمَلُ . وَ مِقدارُ ما يُشرَبُ مِنهُ أُوقيَّةٌ إِلى أُوقيَّتينِ مِنَ الماءِ القَراحِ .
فَإِذا أَكَلتَ يا أَميرَ المُؤمِنينَ مِقدارَ ما وَصَفتُ لَكَ مِنَ الطَّعامِ ، فَاشرَب مِن هذا الشَّرابِ مِقدارَ ثَلاثَةِ أَقداحٍ بَعدَ طَعامِكَ ، فَإِذا فَعَلتَ ذلِكَ فَقَد أَمِنتَ بِإِذنِ اللّهِ تَعالى يَومَكَ وَ لَيلَتِكَ مِنَ الأَوجاعِ البارِدَةِ المُزمِنَةِ ، كالنِّقرِسِ ، وَ الرِّياحِ ، وَ غَيرِ ذلِكَ مِن أَوجاعِ العَصَبِ ، وَ الدِّماغِ ، وَ المَعِدَةِ ، وَ بَعضِ أَوجاعِ الكَبِدِ ، وَ الطِّحالِ ، وَ المِعاءِ ، وَ الأَحشاءِ .
فإن صَدَقَت بَعدَ ذلِكَ شَهوَةُ الماءِ ، فَليَشرَب مِنهُ مِقدارَ النِّصفِ مِمَّا كانَ يَشرَبُ قَبلَهُ ؛ فَإِنَّه أَصلَحُ لِبَدَنِ أَميرِ المُؤمِنينَ ، وَ أَكثَرُ لِجِماعِهِ ، وَ أَشَدُّ لِضَبطِهِ وَ حِفظِهِ ، فَإِنَّ صَلاحَ البَدَنِ

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 110840
صفحه از 464
پرینت  ارسال به