301
مكاتيب الأئمّة ج5

فَقالَ لَهُ الخَضِرُ : « هَـذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَ بَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا أَمَّا السَّفِينَةُ » الَّتي فَعَلتُ بِها ما فَعَلتُ ، فَإِنَّها كانَت لِقَومٍ « مَسَـكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَ كَانَ وَرَآءَهُم » أَي وَراءَ السَّفينَةِ « مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ » صالِحَةٍ « غَصْبًا » ـ كَذا نَزَلَت ـ وَ إِذا كانَت السَّفينَةُ مَعيوبَةً لَم يَأخُذ مِنها شَيئا ، « وَ أَمَّا الْغُلَـمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ » وَ طُبِعَ كافِرا ـ كَذا نَزَلَت ـ فَنَظَرتُ إِلى جَبينِهِ وَ عَلَيهِ مَكتوبٌ طُبِعَ كافِرا ، « فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَـنًا وَ كُفْرًا * فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَوةً وَ أَقْرَبَ رُحْمًا » فَأَبدَلَ اللّهُ لِوالِدَيهِ بنتا ، وَ وَلَدَت سَبعينَ نَبيّا ، « وَ أَمَّا الْجِدَارُ » الّذي أَقَمتُهُ « فَكَانَ لِغُلَـمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى الْمَدِينَةِ وَ كَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَ كَانَ أَبُوهُمَا صَــلِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا » إلى قوله : « ذَ لِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا »۱ . ۲

188

كتابه عليه السلام إلى حاكم الطّبَسَين ۳

۰.بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
مِن عَليِّ بنِ موسى بنِ جَعفَرٍ الرِّضا ، إِلى عامِرِ بنِ زَروامهر مَرزَبان الطَّبَسَينِ .

1.الكهف : الآيات من ۶۷ إلى ۸۲ .

2.تفسير القمّي : ج۲ ص۳۸ ، قصص الأنبياء : ص۲۹۰ ، بحار الأنوار : ج۱۳ ص۲۷۸ ح۱.

3.في القاموس : الطّبس والطّبسان : بالتّحريك ، كورتان بخراسان أعجميّة . و في معجم البلدان : الطّبسان : بفتح أوّله وثانيه ، وهو تثنية طبس ، وهي عجميّة فارسيّة ، وفي العربيّة : الطّبس الأسود من كلّ شيء ، والطّبس ، بالكسر : الذّئب ، والطّبسان : قصبة ناحية بين نيسابور وأصبهان تسمّى قهستان قاين ، وهما بلدتان كلّ واحدة منهما يقال لها طبس ، إحداهما طبس العناب والاُخرى طبس التّمر ، قال الأصطخري : الطّبس مدينة صغيرة أصغر من قاين وهي من الجروم ، وبها نخيل وعليها حصن وليس لها قهندز ، وبناؤها من طين وماؤها من القني ونخيلها أكثر من بساتين قاين ، والعرب تسمّيها باب خراسان ؛ لأنّ العرب في أيّام عثمان بن عفّان لمّا قصدوا فتح خراسان كانت أوّل فتوحهم ، قالّ أبو الحسن عليّ بن محمّد المدائنيّ : أوّل فتوح خراسان الطّبسان ، وهما بابا خراسان ، وقد فتحهما عبد اللّه بن بديل بن ورقاء في أيّام عثمان بن عفّان سنة ۲۹ ه ، ثمّ دخلوا إلى خراسان ، وهي بين نيسابور وأصبهان وشيراز وكرمان ( القاموس المحيط : ج۴ ص۲۰ ) .


مكاتيب الأئمّة ج5
300

فَقالَ لَهُ موسى : « قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا »۱ ؟
فَقالَ الخَضِرُ : « إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا * وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا » .
فَقالَ موسى عليه السلام : « سَتَجِدُنِى إِن شَآءَ اللَّهُ صَابِرًا وَ لَا أَعْصِى لَكَ أَمْرًا » .
قالَ الخَضِرُ : « فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلَا تَسْـئلْنِى عَن شَىْ ءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا » ، يَقولُ : لا تَسأَلني عَن شَيءٍ أَفعَلُهُ وَ لا تُنكِرهُ عَلَيَّ حَتَّى أَنا أُخبِرَكَ بِخَبَرِهِ . قالَ : نَعَم . فَمَرُّوا ثَلاثَتُهُم حَتَّى انتَهَوا إلى ساحِلِ البَحرِ وَ قَد شُحِنَت سَفينَةٌ وَ هي تُريدُ أَن تَعبُرَ ، فَقالَ لأَِربابِ السَّفينَةِ : تَحمِلوا هؤُلاءِ الثَّلاثَةَ نَفَرٍ ، فَإِنَّهُم قَومٌ صالِحونَ ، فَحَمَلوهُم فَلَمَّا جَنَحَتِ السَّفينَةُ في البَحرِ ، قامَ الخَضِرُ إِلى جَوانِبِ السَّفينَةِ فَكَسَرَها وَ أَحشاها بِالخِرَقِ وَ الطِّينِ ، فَغَضَبَ موسى غَضَبا شَديدا ، وَ قَال لِلخَضِرِ : « أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْـئا إِمْرًا » .
فَقالَ لَهُ الخَضِرُ عليه السلام : « أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا » ؟ قالَ موسى : « لَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَ لَا تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا » .
فَخَرَجوا مِنَ السَّفينَةِ فَمَرُّوا فَنَظَرَ الخَضِرُ إِلى غُلامٍ يَلعَبُ بَينَ الصِّبيانِ ، حَسَنِ الوَجهِ كَأَنَّهُ قِطعَةُ قَمَرٍ ، في أُذُنَيهِ دُرَّتانِ ، فَتَأَمَّلَهُ الخَضِرُ ثُمَّ أَخَذَهُ فَقَتَلَهُ ، فَوَثَبَ موسى عَلى الخَضِرِ وَ جَلَدَ بِهِ الأَرضَ فَقالَ : « أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةَ بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْـئا نُّكْرًا » . فَقالَ الخَضِرُ : « أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا » .
قالَ موسى : « إِن سَأَلْتُكَ عَن شَىْ ءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَـحِبْنِى قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْرًا * فَانطَـلَقَا حَتَّى إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ » . بِالعَشيِّ تُسمَّى النَّاصِرَةَ ، وَ إِلَيها يَنتَسِبُ النَّصارى ، وَ لَم يُضَيِّفوا أَحَدا قَطُّ ، وَ لَم يَطعَموا غَريبا ، فاستَطعَموهُم فَلَم يُطعِموهُم ، وَ لَم يُضَيِّفوهُم ، فَنَظَرَ الخَضِرُ عليه السلام إِلى حائِطٍ قَد زالَ لِيَنهَدِمَ ، فَوَضَعَ الخَضِرُ يَدَهُ عَلَيهِ وَ قالَ : قُم بِإِذنِ اللّهِ فَقامَ . فَقالَ موسى : لم يَنبَغِ لَكَ أَن تُقيمَ الجِدارَ حَتَّى يُطعِمونا وَ يُؤوونا ، وَ هوَ قوله : « لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا » .

1.الكهف : ۶۶.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 96141
صفحه از 464
پرینت  ارسال به