۰.وفي علل الشرائع و اُصول الإسلام :إِنَّ اللّهَ بِفَضلِهِ وَمَنِّهِ لَمَّا فَرَضَ عَلَيكُم الفَرائِضَ ، لَم يَفرِض عَلَيكُم لِحَاجَةٍ مِنهُ إلَيكُم ، بَل بِرَحمَةٍ مِنهُ ـ لا إِله إِلَا هُوَ ـ عَليكُم ؛ لِيَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطِّيِّبِ وَلِيَبتَلِيَ مَا فِي صُدُورِكُم ، وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلوبِكُم ، وَلِتَتَسَابِقُونَ إِلَى رَحمَتِهِ ، وَتَتَفَاضَلَ مَنَازِلُكُم فِي جَنَّتِهِ .
فَفَرَضَ عَلَيكُمُ الحَجَّ وَالعُمرَةَ ، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ ، وَإيتاءَ الزَّكَاةِ ، وَالصَّومَ ، وَالوَلَايَةَ ، وَكَفَاهُم لَكُم بَابَاً لِتَفتَحُوا أَبوَابَ الفَرَائِضِ ، وَمِفتَاحَاً إِلَى سَبِيلِهِ ، وَلَولَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَالأَوصِيَاءُ مِن بَعدِهِ ، لَكُنتُم حَيَارَى كَالبَهَائِمِ لَا تَعرِفُونَ فَرضَاً مِنَ الفَرَائِضِ ، وَهَل تُدخَلُ قَريَةٌ إِلَا مِن بَابِهَا ؟
فَلَمَّا مَنَّ اللّهُ عَلَيكُم بِإِقَامَةِ الأَولِيَاءِ بَعدَ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، قَالَ اللّهُ عز و جل لِنَبِيِّهِ : « اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلامَ دِيناً »۱ ، وَفَرَضَ عَلَيكُم لِأَولِيَائِهِ حُقُوقَاً أَمَرَكُم بِأَدَائِهَا إِلَيهِم ، لِيَحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءِ ظُهُورِكُم مِن أَزوَاجِكُم ، وَأَموَالِكُم ، وَمَآكِلِكُم ، وَمَشَارِبِكُم وَمَعرِفَتِكُم بِذَلِكَ النِّمَاءِ ، وَالبَرَكَةِ ، وَالثَّروَةِ ، وَليَعلَمَ مَن يُطِيعُهُ مِنكُم بِالغَيبِ ، قَالَ اللّهُ عز و جل : « قُل لَا أَسْـئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى»۲ .
وَاعلَمُوا : أَنَّ مَن يَبخَل فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَلَى نَفسِهِ ، وَأَنَّ اللّهَ هُوَ الغَنِيُّ ، وَأَنتُم الفُقَرَاءُ إِلَيهِ ، لَا إِلهَ إِلَا هُوَ ، وَلَقَد طَالَت المُخَاطَبَةُ فِيما بَينَنَا وَبينَكُم فِيمَا هُوَ لَكُم وَعَلَيكُم ، فَلَولَا مَا يَجِبُ مِن تَمَامِ النِّعمَةِ مِنَ اللّهِ عز و جل عَلَيكُم لَمَا أَرَيتُكُم لِي خَطّاً ، وَلَا سَمِعتُم مِنِّي حَرفاً مِن بَعدِ المَاضِي عليه السلام ، أَنتُم فِي غَفلَةٍ عَمَّا إِلَيهِ مَعَادُكُم ، وَمَن بَعدِ الثَّانِي