411
مكاتيب الأئمّة ج6

۰.وفي علل الشرائع و اُصول الإسلام :إِنَّ اللّهَ بِفَضلِهِ وَمَنِّهِ لَمَّا فَرَضَ عَلَيكُم الفَرائِضَ ، لَم يَفرِض عَلَيكُم لِحَاجَةٍ مِنهُ إلَيكُم ، بَل بِرَحمَةٍ مِنهُ ـ لا إِله إِلَا هُوَ ـ عَليكُم ؛ لِيَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطِّيِّبِ وَلِيَبتَلِيَ مَا فِي صُدُورِكُم ، وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلوبِكُم ، وَلِتَتَسَابِقُونَ إِلَى رَحمَتِهِ ، وَتَتَفَاضَلَ مَنَازِلُكُم فِي جَنَّتِهِ .
فَفَرَضَ عَلَيكُمُ الحَجَّ وَالعُمرَةَ ، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ ، وَإيتاءَ الزَّكَاةِ ، وَالصَّومَ ، وَالوَلَايَةَ ، وَكَفَاهُم لَكُم بَابَاً لِتَفتَحُوا أَبوَابَ الفَرَائِضِ ، وَمِفتَاحَاً إِلَى سَبِيلِهِ ، وَلَولَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَالأَوصِيَاءُ مِن بَعدِهِ ، لَكُنتُم حَيَارَى كَالبَهَائِمِ لَا تَعرِفُونَ فَرضَاً مِنَ الفَرَائِضِ ، وَهَل تُدخَلُ قَريَةٌ إِلَا مِن بَابِهَا ؟
فَلَمَّا مَنَّ اللّهُ عَلَيكُم بِإِقَامَةِ الأَولِيَاءِ بَعدَ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، قَالَ اللّهُ عز و جل لِنَبِيِّهِ : « اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلامَ دِيناً »۱ ، وَفَرَضَ عَلَيكُم لِأَولِيَائِهِ حُقُوقَاً أَمَرَكُم بِأَدَائِهَا إِلَيهِم ، لِيَحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءِ ظُهُورِكُم مِن أَزوَاجِكُم ، وَأَموَالِكُم ، وَمَآكِلِكُم ، وَمَشَارِبِكُم وَمَعرِفَتِكُم بِذَلِكَ النِّمَاءِ ، وَالبَرَكَةِ ، وَالثَّروَةِ ، وَليَعلَمَ مَن يُطِيعُهُ مِنكُم بِالغَيبِ ، قَالَ اللّهُ عز و جل : « قُل لَا أَسْـئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى»۲ .
وَاعلَمُوا : أَنَّ مَن يَبخَل فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَلَى نَفسِهِ ، وَأَنَّ اللّهَ هُوَ الغَنِيُّ ، وَأَنتُم الفُقَرَاءُ إِلَيهِ ، لَا إِلهَ إِلَا هُوَ ، وَلَقَد طَالَت المُخَاطَبَةُ فِيما بَينَنَا وَبينَكُم فِيمَا هُوَ لَكُم وَعَلَيكُم ، فَلَولَا مَا يَجِبُ مِن تَمَامِ النِّعمَةِ مِنَ اللّهِ عز و جل عَلَيكُم لَمَا أَرَيتُكُم لِي خَطّاً ، وَلَا سَمِعتُم مِنِّي حَرفاً مِن بَعدِ المَاضِي عليه السلام ، أَنتُم فِي غَفلَةٍ عَمَّا إِلَيهِ مَعَادُكُم ، وَمَن بَعدِ الثَّانِي

1.. المائدة : ۳ .

2.. الشورى :۲۳ .


مكاتيب الأئمّة ج6
410

وَأَنَا أَقُولُ : الحَمدُ للّهِِ مِثلَ مَا حَمِدَ اللّهَ بِهِ حَامِدٌ إِلَى أَبَدِ الأَبَدِ ، بِمَا مَنَّ عَلَيكَ مِن نِعمَةٍ ، وَنَجَّاكَ مِنَ الهَلَكَةِ ، وَسَهَّلَ سَبِيلَكَ عَلَى العَقَبَةِ ، وَايمُ اللّهِ أَنَّها لَعَقَبَةٌ كَؤُودٌ شَدِيدٌ أَمرُهَا ، صَعبٌ مَسلَكُهَا ، عَظِيمٌ بَلاؤُهَا ، طَوِيلٌ عَذَابُهَا قَدِيمٌ فِي الزَّبُرِ الأُولَى ذِكرُهَا .
وَلَقَد كَانَت مِنكُم أمُورٌ فِي أَيَّامِ المَاضِي عليه السلام ، إلَى أَن مَضَى لِسَبِيلِهِ عليه السلام عَلَى رُوحِهِ ، وَفِي أَيَّامِي هَذِهِ كُنتُم بِهَا غَيرَ مَحمُودِيّ ، الشَّأنِ ، وَلَا مُسَدَّدِي التَّوفِيقِ .
وَاعلَم يَقِيناً يَا إِسحَاقُ ، أَنَّ مَن خَرَجَ مِن هَذِهِ الحَيَاةِ أَعمَى ، فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ، أَنَّها يَا بن إِسماعِيلَ لَيسَ تَعمَى الأَبصَارُ ، وَلَكِن تَعمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ، وَذَلِكَ قَولُ اللّهِ عز و جل فِي مُحكَمِ كِتَابِهِ للِظَّالِمِ : « قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَ قَدْ كُنتُ بَصِيرًا »۱ ؟ قَالَ اللّهُ عز و جل : « كَذَ لِكَ أَتَتْكَ ءَايَـتُنَا فَنَسِيتَهَا وَ كَذَ لِكَ الْيَوْمَ تُنسَى »۲ .
وَأَيَّةُ آيَةٍ يَا إِسحَاقُ ، أَعظَمُ مِن حُجَّةِ اللّهِ عز و جل عَلَى خَلقِهِ وَأَمِينِهِ فِي بِلَادِهِ ، وَشَاهِدِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِن بَعدِ مَا سَلَفَ مِن آبَائِهِ الأَوَّلَينَ مِنَ النَّبِيِّينَ ، وَآبَائِهِ الآخِرِينَ مِنَ الوَصِيِّينَ أَجمَعِينَ ، وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ .
فَأَينَ يُتاهُ بِكُم ، وَأَينَ تَذهَبُونَ كَالأَنعَامِ عَلَى وُجُوهِكُم ، عَنِ الحَقِّ تَصدِفُونَ ، وَبِالبَاطِلِ تُؤمِنُونَ ، وَبِنِعمَةِ اللّهِ تَكفُرُونَ ، أَو تُكَذِّبُونَ ، فَمَن يُؤمِنُ بِبَعضِ الكِتَابِ ، وَيَكفُرُ بِبَعضٍ ، فَمَا جَزَاءُ مَن يَفعَلُ ذَلِكَ مِنكُم ، وَمِن غَيرِكُم إِلَا خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنيا الفَانِيَةِ ، وَطُولُ عَذَابٍ فِي الآخِرَةِ البَاقِيَةِ ، وَذَلِكَ وَاللّهِ الخِزيُ العَظِيمُ .

1.. طه : ۱۲۵ .

2.. طه : ۱۲۶ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 103856
صفحه از 453
پرینت  ارسال به