والاحتجاجات بين علماء العصر وفقهائه وبين الإمام عليه السلام ، هي الّتي كانت تضيء بصيصاً من النور في ذلك المجتمع الذي خيّم الظلام على أرجائه ، وتكشف النقاب عن الحقيقة المخفية . وكانت هذه المناظرات تُقام من جانب المتوكّل بشكلٍ رئيس بهدف تحطيم شخصية الإمام عليه السلام ، ولكنّها كانت دوماً تتمخّض عن نتائج عكسية من باب قوله تعالى: « وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَـكِرِينَ »۱ ، ولم يكن المتوكّل يجني منها شيئاً سوى الفضيحة له ولحاشيتة ، فيما كانت تعود بالرفعة للإمام .
ونظراً للتوتر والخناق السياسي الشديد الّذي كان يسود المجتمع آنذاك ، فقد كان الإمام عليه السلام يرشد الشيعة خلال الأحداث الصعبة والأزمات السياسيّة والثقافيّة عن طريق إقامة تنظيمات الوكالة واللقاءات السرّية والمراسلات ، وكان الناس يمدّون جسور التواصل معه عليه السلام من خلال الارتباط بالوكلاء وطرح الأسئلة عليهم إمّا من خلال المراسلات ، أو بشكل شفوي أحياناً ، وبذلك يحلّون مشكلاتهم ويعرفون وظائفهم العلميّة .
وكان الإمام الهادي عليه السلام يعلّم الناس طريقة الرجوع إلى الوكلاء بهدف إعدادهم لعصر الغيبة ، ومن خلال نظرة مجملة إلى كثرة رسائله في هذه الفترة من الزمان يُمكن الإشارة إلى انتشار هذه الظاهرة ونجاح الإمام عليه السلام في هذا العصر .
وقد كان الإمام عليه السلام يستخدم ألقاباً عديدة حسب ما يقتضيه الوضع السائد ، حيث كان معظمها سريّاً بشكلٍ من الأشكالٍ ، وهو ما يدلّ على التوتر الّذي كان يسود عصره ، حيث يمكننا الإشارة في هذا المجال إلى الألقاب التالية : النقي ۲ ، الهادي ۳ ،