فالبهائم لا تدرك الشكر لأنها لا تمتلك العقل ، فالحمار لا يشكرك مهما أنعمت عليه أو قدمت له من خدمة ، ولكن العقل يدعو الإنسان إلى شكر ولي نعمته ، ولا شك في أن كل نعمة تصيب الإنسان ، هي من جانب اللّه .
«وَ مَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ» . ۱
على هذا الأساس فإنّ العقل يحكم بعدم وجود أحد يستحق الحمد والشكر أكثر من اللّه .
ولذلك يؤكّد الإمام علي عليه السلام قائلاً :
لَو لَم يَتَوَعَّدِ اللّهُ عَلى مَعصِيَتِهِ لَكانَ يَجِبُ ألّا يُعصى شُكرا لِنِعَمِهِ .۲
بناء على ذلك ، فكلّما ازداد نصيب الإنسان من العقل وابتعد أكثر عن حدود الحيوانية ازداد حمده للّه ـ تعالى ـ وشكره له بلسانه وعمله ، وكلما اقترب أكثر من حد البهيمية ، قلّ حمده وشكره .
سرّ محبّة اللّه عز و جل للحمد
من خلال التأمّل في الملاحظة السابقة ، يتضح لنا سرّ حبّ اللّه ـ سبحانه ـ للحمد ، فقد ورد التأكيد في عدد من الأحاديث أنه ـ تعالى ـ يحب أن يمدح بل إنّ مدحه أحب شيء له . ۳ كما يعرف بذلك الجواب على السؤال التالي : لماذا يحب اللّه أن يمدح ، مع أنه غني بالذات ولا يحتاج إلى مدح الآخرين؟
إنّ سرّ حبّ اللّه ـ تعالى ـ للحمد هو أنّه يريد أن يوظف البشر عقولهم ما استطاعوا وأن يبتعدوا عن البهائم ، وبذلك يقتربون من هدف خلقهم ، ولا شك في أن وصول الإنسان إلى هذا الهدف لا يتحقق إلّا من خلال الشكر اللساني والعملي لخالقهم والمنعم الحقيقي عليهم .