رسالت جهانى محمّد صلى الله عليه و آله - صفحه 16

4 / 6

رِسالَتُهُ إلَى الحَارِثِ بنِ أبي شِمرِ الغِنائيِّ

۸۹.الطبقات الكبرى :بَعَثَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله شُجاعَ بنَ وَهبٍ الأسَدِيَّ ـ وهوَ أحَدُ السِّتَّةِ ـ إلَى الحارِثِ بنِ أبي شِمرٍ الغَسَّانيِّ يَدعوهُ إلَى الإسلامِ ، وكَتَبَ مَعهُ كِتابا . قالَ شُجاعٌ : فَأتَيتُ إلَيهِ وهُو بِغَوطَةِ دِمَشقَ ، وهوَ مَشغولٌ بِتَهيِئَةِ الإنزالِ وَالألطافِ لِقَيصَرَ ، وهو جاءٍ مِن حِمصَ إلى إيلياءَ ، فَأقَمتُ عَلى بابِهِ يَومَينِ أو ثَلاثَةً ، فَقُلتُ لِحاجِبِهِ : إنَّي رَسولُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلَيهِ ، فَقالَ : لا تَصِلُ إلَيهِ حَتَّى يَخرُجَ يَومَ كَذا وَكَذا . وجَعلَ حاجِبُهُ ـ وكانَ روميَّا اسمُهُ مُرى ـ يَسأ لُني عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَكُنتُ أُحَدِّثُهُ عَن صِفَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وما يَدعو إلَيهِ ، فَيَرِقُّ حَتَّى يَغلِبُهُ البُكاءُ ويقولَ : إنَّي قَد قَرَأتُ الإنجيلَ فَأجِدُ صِفَةَ هذا النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله بِعَينِهِ ، فَأنا اُؤمِنُ بِهِ وأُصَدِّقُهُ وأخافُ مِنَ الحارِثِ أن يَقتُلَني . وكانَ يُكرِمُني ويُحسِنُ ضِيافَتي .
وخَرَجَ الحارِثُ يَوما فَجَلَسَ ووَضَعَ التَّاجَ عَلى رَأسِهِ ، فَأذِنَ لي عَلَيهِ ، فَدَفَعتُ إلَيهِ كِتابَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَرَأهُ ثُمَّ رَمى بِهِ وقالَ : مَن يَنتَزِعُ مِنِّي مُلكي ؟! أنا سائرٌ إلَيهِ ولَو كانَ بِاليَمَنِ جِئتُهُ ، عَلَيَّ بالنَّاسِ !
فَلَم يَزَل يَفرِضُ حَتَّى قامَ ، وأمَرَ بِالخُيولِ تُنعَلُ ، ثُمَّ قالَ : أخبِر صاحِبَكَ ما تَرى .
وكَتَبَ إلى قَيصرَ يُخبِرُهُ خَبَري وما عَزَمَ عَلَيهِ ، فَكَتَبَ إلَيهِ قَيصَرُ ألاَّ تَسيرَ إلَيهِ وَالهُ عَنهُ ووافِني بِإيلياءَ . فَلمَّا جاءَهُ جَوابُ كِتابِهِ دَعاني فَقالَ : مَتى تُريدُ أن تَخرُجَ إلى صاحِبِكَ ؟ فَقُلتُ : غَدا ، فأمَرَ لي بِمِئَةِ مِثقالِ ذَهَبٍ ، ووَصَلَني مُرى ، وأمَرَ لي بِنَفَقَةٍ وكِسوَةٍ ، وقالَ : أقرِئ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنِّي السَّلامَ .
فَقَدِمتُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه و آله فَأخبَرتُهُ ، فَقالَ : بادَ مُلكُهُ ! وأقرَأ تُهُ مِن مُرى السَّلامَ ، وأخبَرتُهُ بِما قالَ . فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : صَدَقَ ؛ وماتَ الحارِثُ بنُ أبي شِمرٍ عامَ الفَتحِ . ۱

1.الطبقات الكبرى : ج ۱ ص ۲۶۱ .

صفحه از 22