جامعه شناسى - صفحه 3

1 / 2

أصنافُ النّاسِ

۵۳۳۷.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يَصِفُ زَمانَهُ بِالجَورِ ، ويَقسِمُ النّاسَ فيهِ خَمسَةَ أصنافٍ ، ثُمَّ يُزَهِّدُ فِي الدُّنيا ـ: أيُّهَا النّاسُ ، إنّا قَد أصبَحنا في دَهرٍ عَنودٍ ، وزَمَنٍ كَنودٍ ، يُعَدُّ فيهِ المُحسِنُ مُسيئاً ، ويَزدادُ الظّالِمُ فيهِ عُتُوّاً ، لا نَنتَفِعُ بِما عَلِمنا ، ولا نَسأَلُ عَمّا جَهِلنا ، ولا نَتَخَوَّفُ قارِعَةً حَتّى تَحُلَّ بِنا . وَالنّاسُ عَلى أربَعَةِ أصنافٍ :
مِنهُم مَن لا يَمنَعُهُ الفَسادَ فِي الأَرضِ إلّا مَهانَةُ نَفسِهِ وكَلالَةُ حَدِّهِ ونَضيضُ وَفرِهِ .
ومِنهُمُ المُصلِتُ لِسَيفِهِ ، وَالمُعلِنُ بِشَرِّهِ ، وَالمُجلِبُ بِخَيلِهِ ورَجِلِهِ ، قَد أشرَطَ نَفسَهُ وأوبَقَ دينَهُ لِحُطامٍ يَنتَهِزُهُ أو مِقنَبٍ ۱ يَقودُهُ أو مِنبَرٍ يَفرَعُهُ . ولَبِئسَ المَتجَرُ أن تَرَى الدُّنيا لِنَفسِكَ ثَمَناً ومِمّا لَكَ عِندَ اللّهِ عِوَضاً !
ومِنهُم مَن يَطلُبُ الدُّنيا بِعَمَلِ الآخِرَةِ ولا يَطلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنيا ، قَد طامَنَ مِن شَخصِهِ وقارَبَ مِن خَطوِهِ وشَمَّرَ مِن ثَوبِهِ وزَخرَفَ مِن نَفسِهِ لِلأَمانَةِ ، وَاتَّخَذَ سِترَ اللّهِ ذَريعَةً إلَى المَعصِيَةِ .
ومِنهُم مَن أبعَدَهُ عَن طَلَبِ المُلكِ ضُؤولَةُ نَفسِهِ وَانقِطاعُ سَبَبِهِ ، فَقَصَرَتهُ الحالُ عَن حالِهِ فَتَحَلّى بِاسمِ القَناعَةِ وتَزَيَّنَ بِلِباسِ أهلِ الزَّهادَةِ ، ولَيسَ مِن ذلِكَ في مَراحٍ ولا مَغدًى .
وبَقِيَ رِجالٌ غَضَّ أبصارَهُم ذِكرُ المَرجِعِ ، وأراقَ دُموعَهُم خَوفُ المَحشَرِ ، فَهُم بَينَ شَريدٍ نادٍّ ، وخائِفٍ مَقموعٍ ، وساكِتٍ مَكعومٍ ، وداعٍ مُخلِصٍ ، وثَكلانَ موجَعٍ ، قَد أخمَلَتهُمُ التَّقِيَّةُ وشَمِلَتهُمُ الذِّلَّةُ ، فَهُم في بَحرٍ اُجاجٍ ، أفواهُهُم ضامِزَةٌ ۲ ، وقُلوبُهُم قَرِحَةٌ ، قَد وَعَظوا حَتّى مَلّوا وقُهِروا حَتّى ذَلّوا ، وقُتِلوا حَتّى قَلّوا .
فَلتَكُنِ الدُّنيا في أعيُنِكُم أصغَرَ مِن حُثالَةِ القَرَظِ ۳ ، وقُراضَةِ ۴ الجَلَمِ ۵ ، وَاتَّعِظوا بِمَن كانَ قَبلَكُم ، قَبلَ أن يَتَّعِظَ بِكُم مَن بَعدَكُم ، وَارفُضوها ذَميمَةً ، فَإِنَّها قَد رَفَضَت مَن كانَ أشغَفَ بِها مِنكُم . ۶

1.المِقنَب ـ بالكسر ـ : جَماعة الخيل والفُرسان (النهاية : ج ۴ ص ۱۱۱ «قنب») .

2.الضامِز : المُمسك (النهاية : ج ۳ ص ۱۰۰ «ضمز») .

3.القَرَظ : وَرقُ السَّلَم (النهاية : ج ۴ ص ۴۳ «قرظ») .

4.القُراضة : ما سقط بالقَرض (لسان العرب : ج ۷ ص ۲۱۶ «قرض») .

5.الجَلَم : الذي يُجَزُّ به الشَّعَر والصُّوف كالمقصّ (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۰۷ «جلم») . وهما كناية عن الغاية في الزهادة .

6.نهج البلاغة : الخطبة ۳۲ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۴ ح ۵۴ ؛ مطالب السؤول : ص ۳۲ .

صفحه از 14