الباب الثاني : علم النفس
2 / 1
أصنافُ النُّفوسِ ۱
۵۳۴۷.الإمام عليّ عليه السلام :خَلَقَ اللّهُ عَزَّوجَلَّ النّاسَ عَلى ثَلاثِ طَبَقاتٍ ، وأنزَلَهُم ثَلاثَ مَنازِلَ ، وذلِكَ قَولُ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ فِي الكِتابِ : أصحابُ المَيمَنَةِ وأصحابُ المَشأَمَةِ وَالسّابِقونَ . فَأَمّا ما ذَكَرَهُ مِن أمرِ السّابِقينَ فَإِنَّهُم أنبِياءُ مُرسَلونَ ، وغَيرُ مُرسَلينَ جَعَلَ اللّهُ فيهِم خَمسَةَ أرواحٍ : روحَ القُدُسِ وروحَ الإِيمانِ وروحَ القُوَّةِ وروحَ الشَّهوَةِ وروحَ البَدَنِ ... ثُمَّ ذَكَرَ أصحابَ المَيمَنَةِ وهُمُ المُؤمِنونَ حَقّا بِأَعيانِهِم ، جَعَلَ اللّهُ فيهِم أربَعَةَ أرواحٍ : روحَ الإِيمانِ وروحَ القُوَّةِ وروحَ الشَّهوَةِ وروحَ البَدَنِ ... فَأَمّا أصحابُ المَشأَمَةِ ... فَسَلَبَهُم روحَ الإِيمانِ وأسكَنَ أبدانَهُم ثَلاثَةَ أرواحٍ : روحَ القُوَّةِ وروحَ الشَّهوَةِ وروحَ البَدَنِ ، ثُمَّ أضافَهُم إلَى الأَنعامِ ، فَقالَ : «إِنْ هُمْ إِلَا كَالْأَنْعَـمِ»۲ لِأَنَّ الدّابَّةَ إنَّما تَحمِلُ بِروحِ القُوَّةِ وتَعتَلِفُ بِروحِ الشَّهوَةِ وتَسيرُ بِروحِ البَدَنِ . ۳
1.قال العلّامة المجلسي قدس سره : قد روى بعض الصوفيّة في كتبهم عن كميل بن زياد أنّه قال : سألت مولانا أمير المؤمنين عليّا عليه السلام .
فقلت : يا أمير المؤمنين ، اُريد أن تعرّفني نفسي .
قال : يا كميل ! وأيّ الأنفس تريد أن اُعرّفك؟
قلت : يامولاي ، هل هي إلّا نفس واحدة؟
قال : يا كميل ، إنّما هي أربعة : النامية النباتيّة ، والحسيّة الحيوانيّة ، والناطقة القدسيّة ، والكليّة الإلهيّة ، ولكلّ واحدة من هذه خمس قوى وخاصيّتان ، فالنامية النباتيّة لها خمس قوى : ماسكة ، وجاذبة ، وهاضمة ، ودافعة ، ومربّية ، ولها خاصيّتان : الزيادة والنقصان ، وانبعاثها من الكبد . والحسيّة الحيوانيّة لها خمس قوى : سمع ، وبصر ، وشمّ ، وذوق ، ولمس ، ولها خاصيّتان : الرضا والغضب ، وانبعاثها من القلب . والناطقة القدسيّة لها خمس قوى : فكر ، وذكر ، وعلم ، وحلم ، ونباهة ، وليس لها انبعاث ، وهي أشبه الأشياء بالنفوس الفلكيّة ، ولها خاصيّتان : النزاهة والحكمة . والكليّة الإلهيّة لها خمس قوى : بهاء في فناء ، ونعيم في شقاء ، وعزّ في ذلّ ، وفقر في غناء ، وصبر في بلاء ، ولها خاصيّتان : الرضا والتسليم ، وهذه التي مبدؤها من اللّه وإليه تعود ، قال اللّه تعالى : «وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى» (الحِجر :۲۹) وقال تعالى : «يَـأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَـلـءِنَّةُ * ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً» (الفجر : ۲۷ و۲۸) والعقل في وسط الكلّ .
أقول : هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الأخبار المعتبرة المتداولة ، وهي شبيهة بأضغاث أحلام الصوفيّة ، وقال بعضهم في شرح هذا الخبر : النفسان الاُوليان في كلامه عليه السلام مختصّان بالجهة الحيوانيّة التي هي محلّ اللذّه والألم في الدنيا والآخرة . والأخيرتان بالجهة الإنسانيّة ، وهما سعيدة في النشأتين وسيّما الأخيرة ، فإنّها لا حظّ لها من الشقاء ؛ لأ نّها ليست من عالم الشقاء ، بل هي منفوخة من روح اللّه ، فلايتطرّق إليها ألم هناك من وجه وليست هي موجودة في أكثر الناس ، بل ربما لم يبلغ من اُلوفٍ كثيرة واحد إليها ، وكذلك الأعضاء والجوارح بمعزل عن اللذّة والألم ، أ لا ترى إلى المريض إذا نام وهو حيّ والحسّ عنده موجود والجرح الذي يتألّم به في يقظته موجود في العضو ، ومع هذا لا يجد ألما ؟ لأنّ الواجد للألم قد صرف وجهه عن عالم الشهادة إلى البرزخ فما عنده خير ، فإذا استيقظ المريض أي رجع إلى عالم الشهادة ونزل منزل الحواسّ قامت به الأوجاع والآلام ، فإن كان في البرزخ في ألم كما في رؤيا مفزعة مؤلمة أو في لذّة كما في رؤيا حسنة ملذّة انتقل منه الألم واللذّة حيث انتقل ، وكذلك حاله في الآخرة ـ انتهى ـ (بحار الأنوار : ج ۶۱ ص ۸۴) .
2.الفرقان : ۴۴ .
3.الكافي : ج ۲ ص ۲۸۲ ح ۱۶ ، بصائر الدرجات : ص ۴۴۹ ح ۶ كلاهما عن الأصبغ بن نباتة ، تحف العقول : ص ۱۸۹ ، بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۶۵ ح ۴۶ .