373
نهج الدّعاء

۱۰۸۰.عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ ثَلاثَةَ نَفَرٍ انطَلَقوا إلى حاجَةٍ لَهُم فَأَوَوا إلى غارٍ في جَبَلٍ فَسَقَطَت صَخرَةٌ عَلى بابِ الغارِ فَسَدَّت عَلَيهِم ، فَقالوا : يا هؤُلاءِ ، تَذكُرونَ أحسَنَ أعمالِكُم ، فَادعُوا اللّهَ عز و جل بِها ؛ لَعَلَّ اللّهَ تَعالى يَفرِجُ عَنكُم بِها .
فَقالَ أحَدُهُم : اللّهُمَّ إنَّهُ كانَ لِيَ امرَأَةٌ صَديقَةٌ اُطيلُ الاِختِلافَ إلَيها حَتّى أدرَكتُ مِنها حاجَتي ، فَقالَت : اُذَكِّرُكَ اللّهَ تَعالى أن تَركَبَ مِنّي ما حَرَّمَ اللّهُ عَلَيكَ ! قُلتُ : فَأَنَا أحَقُّ أن أخافَ رَبّي عز و جل فَتَرَكتُها مِن مَخافَتِكَ وَابتِغاءِ مَرضاتِكَ ، فَإِن كُنتَ تَعلَمُ ذلِكَ فَافرِج عَنّا . فَانصَدَعَ الجَبَلُ عَنهُم حَتّى طَمِعوا فِي الخُروجِ ولَم يَستَطيعُوا الخُروجَ .
وقالَ الثّاني : اللّهُمَّ كانَ لي اُجَراءُ يَعمَلونَ عَمَلاً واحِدا ويَأخُذونَ أجرا واحِدا ، وإنَّ أحَدَهُم تَرَكَ أجرَهُ وزَعَمَ أنَّهُ أكثَرُ أجرا مِن أصحابِهِ ، فَعَزَلتُ أجرَهُ مِن مالي فَتَلَوَّمَني ۱ بِهِ حَتّى كانَ مالاً وأشياءَ ، فَأَتاني بَعدَمَا افتَقَرَ وكَبِرَ ، فَقالَ : اُذَكِّرُكَ اللّهَ تَعالى في أجري ؛ فَإِنّي أحوَجُ ما كُنتُ ، فَطَلَعتُ بِهِ فَوقَ بَيتٍ لي ، فَأَرَيتُهُ ما أنمَى اللّهُ تَعالى لَهُ مِن أجرِهِ مِنَ المالِ وَالماشِيَةِ في الغائِطِ ـ يَعنِي الصَّحارى ـ فَقُلتُ لَهُ : هذا لَكَ وهذا لَكَ وهذا لَكَ ، فَقالَ : أتَسخَرُ بي أصلَحَكَ اللّهُ ؟ ! كُنتُ اُريدُكَ عَلى أقَلَّ مِن هذا مُثابا عَلَيَّ . قُلتُ : أجَل كُنتَ تُريدُني عَلى أقَلَّ مِن هذا ، فَبَلانِيَ اللّهُ تَعالى بِهِ حَتّى بَلَغَ ما تَرى ، فَدَفَعتُهُ إلَيهِ ـ يا رَبِّ ـ مِن مَخافَتِكَ وَابتِغاءِ مَرضاتِكَ ، فَإِن كُنتَ تَعلَمُ ذلِكَ فَافرِج عَنّا . فَانفَرَجَ الجَبَلُ عَنهُم حَتّى طَمِعوا فِي الخُروجِ ولَم يَستَطيعوا أن يَخرُجوا .
وقالَ الثّالِثُ : اللّهُمَّ يا رَبِّ ، كانَ لي أبَوانِ ضَعيفانِ فَقيرانِ ، لَيسَ لَهُما خادِمٌ ولا راعٍ ولا وَلِيٌّ غَيري ، فَكُنتُ أرعى لَهُما بِالنَّهارِ وآوي إلَيهِما بِاللَّيلِ ، وإنَّ الكَلَأَ نَأى عَنّي فَتَباعَدتُ بِالماشِيَةِ فَأَتَيتُهُما بَعدَما ذَهَبَ اللَّيلُ وناما ، فَحَلَبتُ لَهُما ثُمَّ جَلَستُ

1.تلوّم : انتظر (النهاية : ج ۴ ص ۲۷۸ «لوم») .


نهج الدّعاء
372

أرعى عَلَيهِم ، فَإِذا رُحتُ عَلَيهِم فَحَلَبتُ بَدَأتُ بِوالِدَيَّ أسقيهِما قَبلَ وُلدي ، وإنَّهُ نَأى بِيَ الشَّجَرُ يَوما ، فَما أتَيتُ حَتّى أمسَيتُ فَوَجَدتُهُما قَد ناما ، فَحَلَبتُ كَما كُنتُ أحلِبُ ، فَجِئتُ بِالحِلابِ فَقُمتُ عِندَ رُؤوسِهِما ، أكرَهُ أن أوقِظَهُما مِن نَومِهِما ، وأكرَهُ أن أبدَأَ بِالصِّبيَةِ قَبلَهُما ، وَالصِّبيَةُ يَتَضاغَونَ ۱ عِندَ قَدَمَيَّ ، فَلَم يَزَل ذلِكَ دَأبي ودَأبَهُم حَتّى طَلَعَ الفَجرُ ، فَإِن كُنتَ تَعلَمُ أنّي فَعَلتُ ذلِكَ ابتِغاءَ وَجهِكَ ، فَافرِج لَنا فُرجَةً نَرى مِنهَا السَّماءَ . فَفَرَجَ اللّهُ لَهُم فُرجَةً حَتّى يَرَونَ مِنهَا السَّماءَ .
وقالَ الثّاني : اللّهُمَّ إنَّهُ كانَت لِيَ ابنَةُ عَمٍّ اُحِبُّها كَأَشَدِّ ما يُحِبُّ الرِّجالُ النِّساءَ ، فَطَلَبتُ إلَيها نَفسَها ، فَأَبَت حَتّى آتِيَها بِمِئَةِ دينارٍ ، فَسَعَيتُ حَتّى جَمَعتُ مِئَةَ دينارٍ فَلَقيتُها بِها ، فَلَمّا قَعَدتُ بَينَ رِجلَيها ، قالَت : يا عَبدَ اللّهِ اتَّقِ اللّهَ ، ولا تَفتَحِ الخاتَمَ إلاّ بِحَقِّهِ . فَقُمتُ عَنها . اللّهُمَّ فَإِن كُنتَ تَعلَمُ أنّي قَد فَعَلتُ ذلِكَ ابتغاءَ وَجهِكَ فَافرِج لَنا مِنها . فَفَرَجَ لَهُم فُرجَةً .
وقالَ الآخَرُ : اللّهُمَّ إنّي كُنتُ استَأجَرتُ أجيرا بِفَرَقِ ۲ أرُزٍّ ، فَلَمّا قَضى عَمَلَهُ قالَ : أعطِني حَقّي ، فَعَرَضتُ عَلَيهِ حَقَّهُ فَتَرَكَهُ ورَغِبَ عَنهُ ، فَلَم أزَل أزرَعُهُ حَتّى جَمَعتُ مِنهُ بَقَرا وراعِيَها ، فَجاءَني فَقالَ : اِتَّقِ اللّهَ ولا تَظلِمني وأعطِني حَقّي ، فَقُلتُ : اِذهَب إلى تِلكَ البَقَرِ وراعيها ، فَقالَ : اِتَّقِ اللّهَ ولا تَهزَأ بي ، فَقُلتُ : إنّي لا أهزَأُ بِكَ ، فَخُذ تِلكَ البَقَرَ وراعِيَها ، فَأَخَذَهُ فَانطَلَقَ بِها ، فَإِن كُنتَ تَعلَمُ أنّي فَعَلتُ ذلِكَ ابتِغاءَ وَجهِكَ ، فَافرِج ما بَقِيَ . فَفَرَجَ اللّهُ عَنهُم . ۳

1.الضَّغْو : الصياح والبكاء ، يقال : ضغا يضغو : إذا صاح وضجَّ (النهاية : ج ۳ ص ۹۲ «ضغا») .

2.الفَرَق : مكيال يسع سِتّة عشر رِطلاً ، وهي اثنا عشر مدّا (النهاية : ج ۳ ص ۴۳۷ «فرق») .

3.صحيح البخاري : ج ۵ ص ۲۲۲۸ ح ۵۶۲۹ ، صحيح مسلم : ج ۴ ص ۲۰۹۹ ح ۱۰۰ ، مسند ابن حنبل : ج ۲ ص ۴۵۷ ح ۵۹۸۰ نحوه ، السنن الكبرى : ج ۶ ص ۱۹۴ ح ۱۱۶۴۰ كلّها عن عبد اللّه بن عمر ، كنز العمّال : ج ۱۵ ص ۱۵۵ ح ۴۰۴۶۴؛ الخصال : ص ۱۸۴ ح ۲۵۵ نحوه ، الأمالي للطوسي : ص ۳۹۵ ح ۸۷۸ كلاهما عن عبد اللّه بن عمر ، بحار الأنوار : ج ۷۰ ص ۳۷۹ ح ۲۹ .

  • نام منبع :
    نهج الدّعاء
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الافقی، احسان السرخئی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1428ق / 1386 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 150654
صفحه از 787
پرینت  ارسال به