أحمد الزجوزجيّ رحمه الله ، وكان لي كالعمّ أو الوالد ، فنزلت عنده ببغداد وشكوت إليه ما أنا فيه من الشرور الواقعة بيني وبين الزوجة وبين الأحمَاء ، فقال لي : تكتب رقعة وتسأل الدعاء فيها . فكتبت رقعة ( و ) ذكرت فيها حالي وما أنا فيه من خصومة القوم لي وامتناعهم من حمل المرأة إلى منزلي ، ومضيت بها أنا وأبو جعفر رحمه اللهإلى محمّد بن عليّ ، وكان في ذلك الواسطة بيننا وبين الحسين بن روح رحمه الله ، وهو إذ ذاك الوكيل ، فدفعناها إليه وسألناه إنفاذها ، فأخذها منّي وتأخّر الجواب عنّي أيّاما ، فلقيته فقلت له : قد ساءني تأخّر الجواب عنّي . فقال ( لي ) : لا يسوؤك ( هذا ) ؛ فإنّه أحبّ ( ليّ ولك ، وأومأ ) إليَّ أنّ الجواب إن قرب كان من جهة الحسين بن روح رحمه الله ، وإن تأخّر كان من جهة الصاحب عليه السلام ، فانصرفت .
فلمّا كان بعد ذلك ـ ولا أحفظ المدّة إلّا أنّها كانت قريبة ـ فوجّه إليّ أبو جعفر الزجوزجيّ رحمه الله يوما من الأيّام ، فصرت إليه ، فأخرج لي فصلاً من رقعة ، وقال لي : هذا جواب رقعتك ، فإن شئت أن تنسخه فانسخه وردّه ، فقرأته فإذا فيه :
وَالزَّوجُ وَالزَّوجَةُ فَأَصلَحَ اللّهُ ذَاتَ بَينِهِمَا .
ونسخت اللفظ ورددت عليه الفصل ، ودخلنا الكوفة فسهّل اللّه لي نقل المرأة بأيسر كلفة ، وأقامت معي سنين كثيرة ورُزقت منّي أولاداً ، وأسأت إليها إساءات ، واستعملت معها كلّ ما لا تصبر النساء عليه ، فما وقعت بيني وبينها لفظة شرّ ولا بين أحدٍ من أهلها ، إلى أن فرّق الزمان بيننا .
قالوا : قال أبو غالب رحمه الله : وكنت قديما قبل هذه الحال قد كتبت رقعة أسأل فيها أن يقبل ضيعتي ۱ ، ولم يكن اعتقادي في ذلك الوقت التقرّب إلى اللّه عز و جل بهذه الحال ، وإنّما كان شهوةً منّي للاختلاط بالنوبختيّين والدخول معهم فيما كانوا ( فيه ) من الدنيا ، فلم أُجَب إلى ذلك ، وألححت في ذلك ، فكتب إليَّ :
أَن اختَر مَن تَثِقُ بِهِ فَاكتُبِ الضَّيعَةَ بِاسمِهِ فَإِنَّكَ تَحتَاجُ إِلَيهَا .