169
مكاتيب الأئمّة ج7

وحدّثنا بهاتين الحكايتين مذاكرةً لم أقيّدهما ( بالكتابة ) ، وقيّدهما غيري ، إلّا أنّه كان يكثر ذكرهما والحديث بهما ، حتّى سمعتهما منه ما لا أُحصي ، والحمد للّه شكرا دائماً ، وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم . ۱
وفي روايةٍ أُخرى : أخبرني جماعة ، عن أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عيّاش ، عن أبي غالب الزراريّ قال : قدمت من الكوفة وأنا شابّ إحدى قدماتي ، ومعي رجل من إخواننا قد ذهب على أبي عبد اللّه اسمه ، وذلك في أيّام الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رحمه الله واستتاره ونصبه أبا جعفر محمّد بن عليّ المعروف بالشلمغانيّ ، وكان مستقيماً لم يظهر منه ما ظهر ( منه ) من الكفر والإلحاد ، وكان الناس يقصدونه ويلقونه ؛ لأنّه كان صاحب الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح سفيراً بينهم وبينه في حوائجهم ومهمّاتهم .
فقال لي صاحبي : هل لك أن تلقى أبا جعفر وتُحدّث به عهداً ، فإنّه المنصوب اليوم لهذه الطائفة ، فإنّي أُريد أن أسأله شيئاً من الدعاء يكتب به إلى الناحية ؟ قال : فقلت ( له ) : نعم . فدخلنا إليه ، فرأينا عنده جماعة من أصحابنا ، فسلّمنا عليه وجلسنا ، فأقبل على صاحبي ، فقال : من هذا الفتى معك ؟ فقال له : رجل من آل زرارة بن أعين ، فأقبل عليَّ فقال : من أيّ زرارة أنت ؟ فقلت : يا سيدي أنا من ولد بكير بن أعين أخي زرارة ، فقال : أهل بيتٍ جليل عظيم القدر في هذا الأمر . فأقبل عليه صاحبي فقال له : يا سيّدنا أُريد المكاتبة في شيء من الدعاء ، فقال : نعم .
قال : فلمّا سمعت هذا اعتقدت أن أسأل أنا أيضاً مثل ذلك ، وكنت اعتقدت في نفسي ما لم أبده لأحد من خلق اللّه حال والدة أبي العبّاس ابني ، وكانت كثيرة الخلاف والغضب عليَّ ، وكانت منّي بمنزلة ، فقلت في نفسي أسأل الدعاء لي في أمرٍ قد أهمّني ولا أُسمّيه . فقلت : أطال اللّه بقاء سيّدنا وأنا أسأل حاجة . قال : وما هي ؟ قلت : الدعاء لي بالفرج من أمرٍ قد أهمّني ، قال : فأخذ درجا بين يديه كان أثبت فيه

1.الغيبة للطوسي : ص ۳۲۳ ح ۲۷۲ .


مكاتيب الأئمّة ج7
168

فكتبتها باسم أبي القاسم موسى بن الحسن الزجوزجيّ ابن أخي أبي جعفر رحمه الله ، لثقتي به وموضعه من الديانة والنعمة .
فلم تمض الأيّام حتّى أسروني الأعراب ونهبوا الضيعة الّتي كنت أملكها ، وذهب منّي فيها من غلّاتي ودوابّي والتي نحو من ألف دينار ، وأقمت في أسرهم مدّة إلى أن اشتريت نفسي بمئة دينار وألف وخمسمئة درهم ، ( و ) لزمني في أُجرة الرسل نحو من خمسمئة درهم ، فخرجت واحتجت إلى الضيعة فبعتها . ۱
وفي رواية أُخرى : أخبرني جماعة ، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراريّ ، قال : جرى بيني وبين والدة أبي العبّاس ـ يعني ابنه ـ من الخصومة والشرّ أمر عظيم ما لا يكاد أن يتّفق ، وتتابع ذلك وكثر إلى أن ضجرت به ، وكتبت على يد أبي جعفر أسأل الدعاء ، فأبطأ عنّي الجواب مدّة ، ثمّ لقيني أبو جعفر فقال : قد ورد جواب مسألتك ، فجئته فأخرج إليَّ مدرجا ۲ ، فلم يزل يدرجه إلى أن أراني فصلاً منه فيه :
وَأَمَّا الزَّوجُ وَالزَّوجَةُ فَأَصلَحَ اللّهُ بَينِهِمَا .
فلم تزل على حال الاستقامة ولم يجر بيننا بعد ذلك شيء ممّا كان يجري ، وقد كنت أتعمّد ما يسخطها فلا يجري (فيه) منها شيء . هذا معنى لفظ أبي غالب رحمه الله أو قريب منه .
قال ابن نوح : وكان عندي أنّه كتب على يد أبي جعفر بن أبي العَزاقِر ـ قبل تغيّره وخروج لعنه ـ على ما حكاه ابن عيّاش ، إلى أن حدّثني بعض مَن ( سمع ذلك معي ) أنّه إنّما عنى أبا جعفر الزجوزجي رحمه الله ، وأنّ الكتاب إنّما كان من الكوفة ، وذلك أنّ أبا غالب قال لنا : كنّا نلقي أبا القاسم الحسين بن روح رحمه الله ، قبل أن يفضي ( يقضي ) الأمر إليه صرنا نلقي أبا جعفر بن الشلمغانيّ ولا نلقاه .

1.الغيبة للطوسي : ص ۳۰۴ ح ۲۵۷ ، بحار الأنوار : ج ۵۱ ص ۳۲۲ ، وراجع : الخرائج والجرائح : ج ۱ ص ۴۷۹ .

2.الدَّرجُ : الّذي يُكتبُ فيه ، يقال : أنقذته في دَرجِ الكِتاب أي في طيّه ( تاج العروس : ج ۳ ص ۳۶۳ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولي
تعداد بازدید : 54021
صفحه از 238
پرینت  ارسال به