وحدّثنا بهاتين الحكايتين مذاكرةً لم أقيّدهما ( بالكتابة ) ، وقيّدهما غيري ، إلّا أنّه كان يكثر ذكرهما والحديث بهما ، حتّى سمعتهما منه ما لا أُحصي ، والحمد للّه شكرا دائماً ، وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم . ۱
وفي روايةٍ أُخرى : أخبرني جماعة ، عن أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عيّاش ، عن أبي غالب الزراريّ قال : قدمت من الكوفة وأنا شابّ إحدى قدماتي ، ومعي رجل من إخواننا قد ذهب على أبي عبد اللّه اسمه ، وذلك في أيّام الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رحمه الله واستتاره ونصبه أبا جعفر محمّد بن عليّ المعروف بالشلمغانيّ ، وكان مستقيماً لم يظهر منه ما ظهر ( منه ) من الكفر والإلحاد ، وكان الناس يقصدونه ويلقونه ؛ لأنّه كان صاحب الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح سفيراً بينهم وبينه في حوائجهم ومهمّاتهم .
فقال لي صاحبي : هل لك أن تلقى أبا جعفر وتُحدّث به عهداً ، فإنّه المنصوب اليوم لهذه الطائفة ، فإنّي أُريد أن أسأله شيئاً من الدعاء يكتب به إلى الناحية ؟ قال : فقلت ( له ) : نعم . فدخلنا إليه ، فرأينا عنده جماعة من أصحابنا ، فسلّمنا عليه وجلسنا ، فأقبل على صاحبي ، فقال : من هذا الفتى معك ؟ فقال له : رجل من آل زرارة بن أعين ، فأقبل عليَّ فقال : من أيّ زرارة أنت ؟ فقلت : يا سيدي أنا من ولد بكير بن أعين أخي زرارة ، فقال : أهل بيتٍ جليل عظيم القدر في هذا الأمر . فأقبل عليه صاحبي فقال له : يا سيّدنا أُريد المكاتبة في شيء من الدعاء ، فقال : نعم .
قال : فلمّا سمعت هذا اعتقدت أن أسأل أنا أيضاً مثل ذلك ، وكنت اعتقدت في نفسي ما لم أبده لأحد من خلق اللّه حال والدة أبي العبّاس ابني ، وكانت كثيرة الخلاف والغضب عليَّ ، وكانت منّي بمنزلة ، فقلت في نفسي أسأل الدعاء لي في أمرٍ قد أهمّني ولا أُسمّيه . فقلت : أطال اللّه بقاء سيّدنا وأنا أسأل حاجة . قال : وما هي ؟ قلت : الدعاء لي بالفرج من أمرٍ قد أهمّني ، قال : فأخذ درجا بين يديه كان أثبت فيه