193
مكاتيب الأئمّة ج7

وَبَعدَ العِزِّ مُذَلَّلَاتٍ ، وَإِلَى مَصرَعِكَ مِبَادِرَاتٍ .
وَالشِّمرُ جَالِسٌ عَلَى صَدرِكَ ، وَمُولِغٌ ۱ سَيفَهُ عَلَى نَحرِكَ ، قَابِضٌ عَلَى شَيبَتِكَ بِيَدِهِ ، ذَابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ ۲ ، قَد سَكَنَت حَوَاسُّكَ ، وَخَفِيَت أَنفَاسُكَ ، وَرُفِعَ عَلَى القَنَا رَأسُكَ ، وَسُبِيَ أَهلُكَ كاَلعَبِيدِ ، وَصُفِّدُوا ۳ فِي الحَدِيدِ ، فَوقَ أَقتَابِ المَطِيَّاتِ ، تَلفَحُ وُجُوهَهُم حَرُّ الهَاجِرَاتِ ، يُسَاقُونَ فِي البَرَارِي وَالفَلَوَاتِ ، أَيدِيهِم مَغلُولَةٌ إِلَى الأَعنَاقِ ، يُطَافُ بِهِم فِي الأَسوَاقِ .
فَالوَيلُ لِلعُصَاةِ الفُسَّاقِ ، لَقَد قَتَلُوا بِقَتلِكَ الإِسلَامَ ، وَعَطَّلُوا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ ، وَنَقَضُوا السُّنَنَ وَالأَحكَامَ ، وَهَدَمُوا قَوَاعِدَ الإِيمَانِ ، وَحَرَّفُوا آيَاتِ القُرآنِ ، وَهَملَجُوا ۴ فِي البَغيِ وَالعُدوَانِ .
لَقَد أَصبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله مَوتُوراً ، وَعَادَ كِتَابُ اللَّهِ عز و جلمَهجُوراً ، وَغُودِرَ الحَقُّ إِذ قُهِرتَ مَقهُوراً ، وَفُقِدَ بِفَقدِكَ التَّكبِيرُ وَالتَّهلِيلُ ، وَالتَّحرِيمُ وَالتَّحلِيلُ ، وَالتَّنزِيلُ وَالتَّأوِيلُ ، وَظَهَرَ بَعدَكَ التَّغيِيرُ وَالتَّبدِيلُ ، وَالإِلحَادُ وَالتَّعطِيلُ ، وَالأَهوَاءُ وَالأَضَالِيلُ ، وَالفِتَنُ وَالأَبَاطِيلُ .
فَقَامَ نَاعِيكَ عِندَ قَبرِ جَدِّكَ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله ، فَنَعَاكَ إِلَيهِ بِالدَّمعِ الهَطُولِ قَائِلاً : يَا رَسُولَ اللَّهِ قُتِلَ سِبطُكَ وَفَتَاكَ ، وَاستُبِيحَ أَهلُكَ وَحَمَاكَ ، وَسُبِيَت بَعدَكَ ذَرَارِيكَ ، وَوَقَعَ المَحذُورُ بِعِترَتِكَ وَذَوِيكَ ، فَانزَعَجَ الرَّسُولُ وَبَكَى قَلبُهُ المَهُولُ ، وَعَزَّاهُ بِكَ المَلَائِكَةُ وَالأَنبِيَاءُ ، وَفُجِعَت بِكَ أُمُّكَ الزَّهرَاءُ .

1.وَلَغ : شَرِب ماءً أو دما ( لسان العرب : ج ۸ ص ۴۶۰ ) .

2.المُهَنَّد : السيف المطبوع من حديد الهند ( الصحاح : ج ۲ ص ۵۵۷ ) .

3.صَفَدَه : أي شدّه وأوثقه ( الصحاح : ج ۲ ص ۴۹۸ ) .

4.الهملجة : حسن سير الدابّة في سرعة ، وأمر مهملَج : أي مذلّل منقاد ( تاج العروس : ج ۳ ص ۵۲۰ ) .


مكاتيب الأئمّة ج7
192

وَأَسخَطُوا رَبَّكَ وَجَدَّكَ ، وَبَدَءُوكَ بِالحَربِ ، فَثَبَتَّ لِلطَّعنِ وَالضَّربِ ، وَطَحَنتَ جُنُودَ الفُجَّارِ ، وَاقتَحَمتَ قَسطَلَ الغُبَارِ ، مُجَالِداً بِذِي الفَقَارِ ، كَأَنَّكَ عَلِيٌّ المُختَارُ .
فَلَمَّا رَأَوكَ ثَابِتَ الجَأشِ ، غَيرَ خَائِفٍ وَلَا خَاشٍ ، نَصَبُوا لَكَ غَوَائِلَ ۱ مَكرِهِم ، وَقَاتَلُوكَ بِكَيدِهِم وَشَرِّهِم ، وَأَمَرَ اللَّعِينُ جُنُودَهُ فَمَنَعُوكَ المَاءَ وَوُرُودَهُ ، وَنَاجَزُوكَ القِتَالَ ، وَعَاجَلُوكَ النِّزَالَ ، وَرَشَقُوكَ بِالسِّهَامِ وَالنِّبَالِ ، وَبَسَطُوا إِلَيكَ أَكُفَّ الِاصطِلَامِ ، وَلَم يَرعَوا لَكَ ذِمَاماً ، وَلَا رَاقَبُوا فِيكَ أَثَاماً فِي قَتلِهِم أَولِيَاءَكَ وَنَهبِهِم رِحَالَكَ ، وَأَنتَ مُقَدَّمٌ فِي الهَبَوَاتِ ۲ ، وَمُحتَمِلٌ لِلأَذِيَّاتِ ، وَقَد عَجِبَت مِن صَبرِكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ .
وَأَحدَقُوا بِكَ مِن كُلِّ الجِهَاتِ ، وَأَثخَنُوكَ بِالجِرَاحِ ، وَحَالُوا بَينَكَ وَبَينَ الرَّوَاحِ ، وَلَم يَبقَ لَكَ نَاصِرٌ ، وَأَنتَ مُحتَسِبٌ صَابِرٌ ، تَذُبُّ عَن نِسوَتِكَ وَأَولَادِكَ ، حَتَّى نَكَسُوكَ عَن جَوَادِكَ ، فَهَوَيتَ إِلَى الأَرضِ جَرِيحاً ، تَطَؤُوكَ الخُيُولُ بِحَوَافِرِهَا ، وَتَعلُوكَ الطُّغَاةُ بِبَوَاتِرِهَا ۳ .
قَد رَشَحَ لِلمَوتِ جَبِينُكَ ، وَاختَلَفَت بِالِانقِبَاضِ وَالِانبِسَاطِ شِمَالُكَ وَيَمِينُكَ ، تُدِيرُ طَرفاً خَفِيّاً إِلَى رَحلِكَ وَبَيتِكَ ، وَقَد شُغِلتَ بِنَفسِكَ عَن وُلدِكَ وَأَهَلِكَ ، وَأَسرَعَ فَرَسُكَ شَارِداً ، وَإِلَى خِيَامِكَ قَاصِداً ، مُحَمحِماً بَاكِياً .
فَلَمَّا رَأَينَ النِّسَاءُ جَوَادَكَ مَخزِيّاً ۴ ، وَنَظَرنَ سَرجَكَ عَلَيهِ مَلوِيّاً ، بَرَزنَ مِنَ الخُدُورِ نَاشِرَاتِ الشُّعُورِ ، عَلَى الخُدُودِ لَاطِمَاتٍ ، الوُجُوهِ سَافِراتٍ ، وَبِالعَوِيلِ دَاعِيَاتٍ ،

1.الغَوَائِل : أي المهالك (النهاية : ج ۳ ص ۳۹۷) .

2.الهَبوة : الغَبَرة ، ويقال لدقاق التراب إذا ارتفع : هبا يهبو ( النهاية : ج ۵ ص ۲۴۱ ) .

3.الباتِر : السيف القاطع (الصحاح : ج ۲ ص ۵۸۴) .

4.خَزِي خِزيا : ذلّ وهان ( المصباح المنير : ص ۱۶۸) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولي
تعداد بازدید : 54453
صفحه از 238
پرینت  ارسال به