شناخت خداوند عزّ وجلّ - صفحه 4

2 / 2

حِكمَةُ وُجوبِ مَعرِفَةِ اللَّهِ‏

۷۵.الإمام الرضا عليه السلام : إِن قالَ قائِلٌ : لِمَ اُمِرَ الخَلقُ بِالإِقرارِ بِاللَّهِ وبِرَسولِهِ وحُجَّتِهِ وبِما جاءَ مِن عِندِ اللَّهِ؟ قيلَ : لِعِلَلٍ كَثيرَةٍ :
مِنها : أنَّ مَن لَم يُقِرَّ بِاللَّهِ لَم يَتَجَنَّب مَعاصيَهُ ، ولَم يَنتَهِ عَنِ ارتِكابِ الكَبائِرِ ، ولَم يُراقِب أحَداً فيما يَشتَهي ويَستَلِذُّ مِنَ الفَسادِ وَالظُّلمِ ، وإِذا فَعَلَ النّاسُ هذِهِ الأَشياءَ وَارتَكَبَ كُلُّ إنسانٍ ما يَشتَهي ويَهواهُ مِن غَيرِ مُراقَبَةٍ لِأَحَدٍ كانَ في ذلِكَ فَسادُ الخَلقِ أجمَعينَ ، ووُثوبُ بَعضِهِم عَلى بَعضٍ ، فَغَصَبُوا الفُروجَ وَالأَموالَ ، وأباحُوا الدِّماءَ وَالسَّبيَ ، وقَتَلَ بَعضُهُم بَعضاً مِن غَيرِ حَقٍّ ولا جُرمٍ ، فَيَكونُ في ذلِكَ خَرابُ الدُّنيا ، وهَلاكُ الخَلقِ ، وفَسادُ الحَرثِ والنَّسلِ .
ومِنها : أنَّ اللَّهَ عزّ و جلّ حَكيمٌ ، ولا يَكونُ الحَكيمُ ولا يوصَفُ بِالحِكمَةِ إلَّا الَّذي يَحظُرُ الفَسادَ ويَأمُرُ بِالصَّلاحِ ويَزجُرُ عَنِ الظُّلمِ ويَنهى عَنِ الفَواحِشِ ، ولا يَكونُ حَظرُ الفَسادِ وَالأَمرُ بِالصَّلاحِ وَالنَّهيُ عَنِ الفَواحِشِ إلّا بَعدَ الإِقرارِ بِاللَّهِ ومَعرِفَةِ الآمِرِ وَالنّاهي ؛ فَلَو تُرِكَ النّاسُ بِغَيرِ إِقرارٍ بِاللَّهِ ولا مَعرِفَةٍ لَم يَثبُت أمرٌ بِصَلاحٍ ، ولا نَهيٌ عَن فَسادٍ ؛ إِذ لا آمِرَ ولا ناهيَ .
ومِنها : أنّا قَد وَجَدنا الخَلقَ قَد يَفسُدونَ بِأُمورٍ باطِنَةٍ مَستورَةٍ عَنِ الخَلقِ ، فَلَولا الإِقرارُ بِاللَّهِ وخَشيَتُهُ بِالغَيبِ لَم يَكُن أحَدٌ إِذا خَلا بِشَهوَتِهِ وَإِرادَتِهِ يُراقِبُ أحَداً في تَركِ مَعصيَةٍ وَانتِهاكِ حُرمَةٍ وَارتِكابِ كَبيرٍ ، إذا كانَ فِعلُهُ ذلِكَ مَستوراً عَنِ الخَلقِ بِغَيرِ مُراقِبٍ لِأَحَدٍ ، فَكانَ يَكونُ في ذلِكَ هَلاكُ الخَلقِ أجمَعينَ ، فَلَم يَكُن قِوامُ الخَلقِ وصَلاحُهُم إِلّا بِالإِقرارِ مِنهُم بِعَليمٍ خَبيرٍ يَعلَمُ السِّرَّ وأخفي ، آمِرٍ بِالصَّلاحِ ، ناهٍ عَنِ الفَسادِ ، ولا يَخفى عَلَيهِ خافيَةٌ لِيَكونَ في ذلِكَ انزِجارٌ لَهُم يَخلونَ بِهِ مِن أنواعِ الفَسادِ .۱

1.علل الشرائع : ص ۲۵۲ ح ۹ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۹۹ ح ۱ وكلاهما عن الفضل بن شاذان ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۱۰ ح ۲۳ .

صفحه از 12