وفي ترجمة يحيى بن سعيد القطّان من (تهذيب التهذيب) ۱ : قال أبوبكرٍ : سمعت يحيى يقول : جهد الثوريّ أن يدلّس عَلَيَّ رجلاً ضعيفاً فما أمكنه ، قال مرّةً : حدّثنا أبوسهلٍ ، عن الشعبيّ ، فقلت له : أبوسهلٍ محمّد بن سالم؟ فقال : يا يحيى ، ما رأيت مثلك ، لا يذهب عليك شي ءٌ .
ثمّ إنّ الثوريّ قد عنعن في حديثه هذا عن عطاءٍ ، ولم يذكر سماعاً منه ، وقد تقرَّر في محلّه أنّ المدلّس لا يُقبل من حديثه إلا ما صرّح فيه بالسماع ، فتنبّه .
وممّا ذكرنا ظهر لك الحال في رواية النسائيّ أيضاً .
وأمّا رواية ابن جرير الأولى ، ففي إسنادها حمّاد بن سلمة ۲ ، وقد نقل ابن القطّان عن العُقيليّ أنّه قال : سماع حمّاد بن سلمة من عطاء بن السائب كان بعد الاختلاط ۳ .
وفي إسنادها أيضاً ـ مع إرساله ـ ابنُ السائب والسُّلَميّ ، وقد قضينا الوطر من الكلام عليهما آنفاً .
وأمّا روايته الثانية ، ففي سندها ـ مضافاً إلى الرجلين ـ محمّد بن بشّار بن عثمان البصري المعروف ببُندار ، ضعّفه عمرو بن عليّ الفلاس وقال : إنّ بنداراً يكذب فيما يروي عن يحيى ـ يعني القطّان ـ .
وقال القواريريّ : كان يحيى بن معينٍ يستضعفه ، وقال أبوداود : لولا سلامةٌ فيه لتُرك حديثه ، وقال محمّد بن سيّارٍ : كان يقرأ من كلّ كتابٍ ، وقال عبدالله بن عليٍّ المدينيّ : سمعت أبي وسألته عن حديثٍ رواه بُندار عن ابن مهديٍّ بإسناده مرفوعاً ، فقال : هذا كذب ، وأنكره أشدّ الإنكار ، وقال : حدّثني أبوداود موقوفاً .
وقال عبدالله بن الدورقيّ : كنّا عند ابن معينٍ وجرى ذِكْر بُندارٍ ، فرأيتُ يحيى
1.تهذيب التهذيب : ۶/۱۳۹ .
2.كما في الكافي الشاف : ۴۴ .
3.تهذيب التهذيب : ۴/۱۳۲ .