براءة الإمام عليه السلام من حديث الشراب الحرام - صفحه 236

قال : أنا وأهل بيتي مطهَّرون من الذنوب ۱ .
هذا ، مع أنّ صيغة الاستقبال جاءَ ت للماضي والحال ، كما في قوله جلّ ذِكْره تعالى : إنّما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء وقوله جلّ وعلا : يريد أن يُخفّفَ عنكم وقوله جلّ ثناؤه : يريدون أن يُبَدِّلوا كلامَ الله .
واعلم أنّه لا يلزم من قوله تعالى : ليُذهب عنكم الرجس ثبوت الرجس أوّلاً ، لأنّ هذا كقول الإنسان لغيره : أذهبَ الله عنك كلَّ مرضٍ ، ولم يكن حاصلاً له كلُّ مرضٍ .
وزيدت اللام هنا لتأكيد تعلّق الإرادة الإلهيّة بإذهاب الرجس عن أهل البيت عليهم السّلام فتنبّه .
واللام في (الرجس) ـ وقد تقدّم معناه ـ للجنس ، فيعمّ ، لأنّه لو ثبت من الرجس فردٌ لكانت الماهيّة فيه ، فلم يصدق الإذهاب ، فالمنفيّ في الآية ماهيّة الرجس من حيث هي هي ، وحينئذٍ فزوال الرجس وإذهابه بالكلّيّة لا يُتصوّر بدون العصمة ، فتكون الآية دالّةً على عصمتهم عليهم الصلاة والسلام من جميع الذنوب والأعمال القبيحة والمآثم ، لإطلاق (الرجس) فيها .
وبالجملة : فالمراد بإذهاب الرجس إزالة كلّ هيئةٍ خبيثةٍ في النفس تُخطئ حقَّ الاعتقاد والعمل ، وذلك ينطبق على العصمة الإلهيّة التي هي صورة عمليّة نفسانيّة تحفظ الإنسان من باطل الاعتقاد وسيّئ العمل .
فإن قيل : لا خصوصيّة لأهل البيت عليهم السّلام في ذلك ، فإنّ الله تعالى يريد إذهاب الرجس عن كلّ أحدٍ .
قلنا : نمنع أنّ الرجس المستلزم إذهابه للعصمة يريد الله إذهابه عن كلّ أحدٍ بالإرادة الحتميّة ، وإلا ما انفكَّ المراد عنها ، بخلاف ما نحن فيه ، فتنبّه جيّداً .

1.الدرّ المنثور : ۵/۱۹۹ .

صفحه از 268