وإذا تقرّر هذا لديك تحقّقتَ أنّ الخمر من أظهر مصاديق (الرجس) وأعرفها ، فحينئذٍ نمنع ـ بمقتضى هذه الآية ـ أن يكون عليٌّ عليه السّلام ـ وهو من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ـ قد شرب الخمر ـ والعياذ بالله تعالى ـ .
لا يُقال : جاز أن تكون إرادة إذهاب الرجس بعد وقوع تلك الواقعة وتحريم الخمر بعدها ، فلا يتمّ الاستدلال بالآية على المطلوب .
لأنّا نقول : إنّ إرادة الله سبحانه وتعالى إذهابَ الرجس عنهم عليهم السّلام كانت بإرادته الأزليّة الذاتيّة ، وهي متقدّمة على تلك الواقعة ، فافهم .
ثمّ إنّ هنا خلافاً مشهوراً بين الفريقين في المراد بـ (أهل البيت) الذين نزلت فيهم آية التطهير ، فأجمعت الشيعة قاطبةً ـ تبعاً لأئمّة العترة الطاهرة ـ على أنّ المراد بهم خصوص النبيّ وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من دون أن يشركهم فيها أحدٌ من الأزواج وغيرهنّ ، وهو قول أكثر المفسّرين أيضاً ۱ .
وقد دلّت على ذلك أحاديث متواترة ، وأخبار وفيرة متكاثرة ، رُوِيَتْ عن أمّ سلمة وعائشة وأبي سعيدٍ الخدريّ وسعد بن أبي وقّاصٍ وواثلةَ بن الأسقع وأبي الحمراء وابن عبّاسٍ وثوبانَ وعمر بن أبي سلمة ومعقل بن يسارٍ وأنسٍ وأبي الدرداء وجابرٍ وزيد بن أرقم وعبدالله بن جعفرٍ وعليٍّ والحسن بن عليٍّ عليهما السّلام في قريبٍ من أربعين طريقاً ، كما رواها أصحابنا عن جماعةٍ من الصحابة والتابعين في بِضْعٍ وثلاثين طريقاً .
وحسبك منها ما أخرجه مسلم في (صحيحه) ۲ عن عائشة قالت : خرج
1.الصواعق المحرقة : ۱۴۳ ـ وعليك بكتاب «رشفة الصادي من مناقب آل النبيّ الهاديّ» للإمام أبي بكر بن شهاب الدين العلويّ الشافعيّ ، ففيه تفصيل القول بنزول هذه الآية في الخمسة الطاهرة بالخصوص .
2.صحيح مسلم : كتاب الفضائل : بابٌ من فضائل الحسن والحسين عليهما السّلام .