براءة الإمام عليه السلام من حديث الشراب الحرام - صفحه 240

انفردوا تحته عن كافّة أسرته ، واحتجبوا به عن بقيّة أمّته؛ بلّغهم الآية وهم على تلك الحال ، حرصاً على أن لا يطمع بمشاركتهم فيها أحدٌ من الصحابة والآل ، فقال مخاطباً لهم ـ وهم في معزلٍ عن كافّة الناس ـ : إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً فأزاح صلّى الله عليه و آله بحَجْبهم في كسائه ـ حينئذٍ ـ حُجُب الريب ، وهتك سدف الشبهات ، فبرح الخفاء بحكمته البالغة ، وسطعت أشعّة الظهور ببلاغه المبين ، والحمد لله ربّ العالمين .
ومع ذلك لم يقتصر صلّى الله عليه و آله على هذا المقدار من توضيح اختصاص الآية بهم عليهم السّلام حتّى أخرج يده من تحت الكساء ، فألوى بها إلى السماء ، فقال : «اللّهم هؤلاء أهل بيتي ، فأَذْهِبْ عنهم الرجس وطَهِّرْهم تطهيراً» ۱ يكرّر ذلك وأمّ سلمة رضي الله عنها تسمع وترى ـ إذ كان نزول الآية وقضيّة الكساء في بيتها ـ فقالت : وأنا معكم يا رسول الله ، ورفعت الكساء لتدخل ، فجذبه من يدها وقال : إنّك على خيرٍ .
فيا أهل البصائر برسول الله صلّى الله عليه و آله العارفين بمبلغه من الحكمة والعصمة ، المقدّرين قدر أفعاله وأقواله ، هل تجدون وجهاً لحصرهم تحت الكساء ـ عند تبليغهم الآية عن الله تعالى ـ إلا المبالغة البليغة في توضيح ما قلناه من اختصاصها وامتيازهم بها عن العالمين؟
وهل تفهمون من قوله : «اللّهم هؤلاء أهل بيتي ، فأَذْهِبْ عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» إلا الحصر بهم ، والقصر عليهم؟
وهل تَرَوْنَ وجهاً لجذب الكساء من يد أمّ سلمة ومنعها من الدخول معهم ـ على جلالة قدرها ، وعِظَم شأنها ـ إلا الذي ذكرناه؟
قال رحمه الله : وقد بلغ ـ بأبي هو وأمّي ـ في توضيح اختصاص الآية بهم كلَّ مبلغٍ ، وسلك في إعلان ذلك مسالك ينقطع معها شغب المشاغب ، ولا يبقى بعدها أثر

1.الدرّ المنثور : ۵/۱۹۸ .

صفحه از 268