براءة الإمام عليه السلام من حديث الشراب الحرام - صفحه 244

لا يُقال : إنّ هذه الأحاديث ـ وما يأتي ممّا شاكلها ، الواردة في هذا الباب ـ ناظرةٌ إلى ما بعد تحريم الخمر في هذه الشريعة الغرّاء .
لأنّا نقول : إنّ صحّة هذه الدعوى وتسليمها يتوقّف على إثبات صدور هذه الأحاديث بعد التحريم ، وأنّى للمدّعي بذلك ، إذ لا علم في البَيْن بتاريخ صدورها ، فيؤخذ بعمومها .
على أنّه سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ بيان أنّ الخمر ما زالت محرّمةً من أوّل الأمر في جميع الشرائع السماويّة والنواميس الإلهيّة السابقة على دين الإسلام ، وأنّها لم تُبَحْ يوماً قطّ .
وعن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول : أتاني جبرئيل ، فقال : يا محمّد ، إنّ الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصِرها وشاربها والمحمولةَ إليه وبائعَها ومُبتاعَها وساقيَها ومُسْقاها ، رواه أحمد بإسنادٍ صحيحٍ ، وابن حبّان في (صحيحه) والحاكم وقال : صحيح الإسناد ۱ .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : لعن الله الخمرَ وشاربها وساقيَها ومبتاعها وبائعَها وعاصِرَها وحامِلَها والمحمولةَ إليه ، رواه أبوداود ـ واللفظ له ـ وابن ماجة ، وروى نحوه ابن ماجة والترمذيّ عن أنسٍ ۲ .
وأنت تعلم أنّ هذا اللعنَ ليس مستحدثاً في هذه الشريعة المطهّرة فحسب ، بل هو إخبارٌ عمّا في اللوح المحفوظ من لعن شارب الخمر مطلقاً .
فهل يستجيز مسلمٌ أن يكون عليٌّ أمير المؤمنين عليه السّلام مستوجباً للعنة الله ورسوله ، مطروداً من رحمة ربّه تبارك وتعالى ؛ لشُربه الخمر ـ وهو مَن قد عرفت ـ ؟ اللّهمّ لا .

1.الترغيب والترهيب : ۵/۲۵۰ .

2.الترغيب والترهيب : ۳/۲۴۹ ـ ۲۵۰ .

صفحه از 268