براءة الإمام عليه السلام من حديث الشراب الحرام - صفحه 251

وأخرج مسلم في (صحيحه) ۱ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله لعمّه : قل لا إله إلا الله ، أشهد لك بها يومَ القيامة ، قال : لولا أن تعيّرني قريش بذلك ، يقولون : إنّما حمله على ذلك الجزع؛ لأقررتُ بها عينك ، فأنزل الله تعالى : إنّك لا تهدي مَن أحببتَ ولكنّ الله يهدي من يشاء .
هذا ، مع أنّ أباطالبٍ رضي الله عنه قضى في مكّة سنة عشرٍ للبعثة قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقيل : بل قضى سنة تسعٍ ، وقيل سنة ثمانٍ قبل قدوم أبي هريرة إلى الحجاز بعشر سنين في أقلّ ما يُفرض ، فأين كان أبوهريرة عن النبيّ صلّى الله عليه و آله وعمّه رضي الله عنه وهما يتبادلان الكلام الذي أرسله عنهما كأنّه رآهما بعَيْنَيْه وسمع كلامهما بأُذُنَيْه؟ نعوذ بالله ممّن لم يكن لدينه ولا لعقله على لسانه رقيب ۲ .
فإذا ثبت ذلك فلا مجالَ ـ هنا ـ للقول بأنّ ما رواه الصحابيّ ـ ممّا فيه سبب النزول ـ له حكم المرفوع ، لأنّك قد عرفت أنّ أباهريرة لم يشهد سببَ نزول تحريم الخمر ـ على ما بيّناه ـ فتنبّه .
وقد يُستدلّ أيضاً بما أخرجه أبوداود الطيالسيّ في (مسنده) ۳ عن محمّد بن أبي حميدٍ ، عن أبي توبة المصريّ ، قال : سمعتُ ابنَ عمر يقول : نزلت في الخمر ثلاث آياتٍ ، فأوّل شي ءٍ نزل : يسألونك عن الخمر والميسر ـ الآية ، فقيل : حُرّمت الخمر ، فقيل : يا رسول الله ننتفع بها ـ كما قال الله عزّوجلّ ـ فسكتَ عنهم ، ثمّ نزلت هذه الآية : لا تقربوا الصلاةَ وأنتم سُكارى فقيل : حُرّمت ، فقالوا : يا رسولَ الله ، إنّا لا نشربها قُرْبَ الصلاة ، فسكتَ عنهم ، ثمّ نزلت : يا أيّها الذين آمنوا إنّما الخمر والميسر ـ الآية ، فقال رسول الله صلّى الله عليه و آله : حُرّمت الخمر .

1.صحيح مسلم بشرح النوويّ : ۱/۲۷۵ ـ ۲۷۶ ، كتاب الإيمان : باب الدليل على صحّة إسلام من حضره الموت . . . إلخ .

2.أبوهريرة : ۱۴۵ .

3.مسند أبي داود الطيالسيّ : ۲۶۴ ـ نيل الأوطار : ۸/۱۹۱ ـ ۲۹۲ .

صفحه از 268