وفي إسناده : محمّد بن أبي حُميدٍ ، قال أحمد : أحاديثه مناكير ، وقال ابن معينٍ : ضعيف ، ليس حديثه بشي ءٍ ، وقال الجوزجانيّ : واهي الحديث ضعيف ، وقال ابن معينٍ والبخاريّ والساجيّ : منكر الحديث ، وقال النسائيّ : ليس بثقةٍ ، وقال أبوزرعة : ضعيف الحديث ، وقال أبوحاتمٍ : منكر الحديث ، ضعيف الحديث ، يروي عن الثقات المناكير ، وقال أبوداود والدارقطنيّ : ضعيف ، وقال ابن حبّان : لا يُحتجّ به ۱ .
على أنّ الخطيب البغداديّ قد روى في (تاريخه) ۲ عن عائشة قالت : لمّا نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر ، فنهى رسول الله صلّى الله عليه و آله عن ذلك .
فإن قيل : إنّكم قد رويتم أيضاً نحوَ هذين الحديثين ۳ .
قلنا : هو حديث مُرسل مُضمَر ، فلا يقاوم الأحاديث المتقدّمة الدالّة ـ صريحاً ـ على كون الخمر لم تزل محظورةً في جميع الشرائع والأديان ، والله المستعان .
ثمّ إنّ في ذَيْنِكَ الحديثين أنّ قوماً من الصحابة كانوا يشربون الخمرَ غيرَ مُكترثين بمانزل من النهي عنها ، وهذا يدلّ على رقّة دينهم وإيمانهم ، وقلّة مبالاتهم باقتراف أمّ الكبائر ، وعدم انتهائهم عمّا نهى الله تعالى عنه حتّى نزلت في تحريمها ثلاثُ آياتٍ ، لكنّه لا يُظنّ التزامُ الخصم به ، بل ينأى بالصحابة عنه .
وأمّا التشبّث بسكوت النبيّ صلّى الله عليه و آله ، وعدم إنكاره على الشاربين ؛ فتشبّثٌ بما هو أوهن من بيت العنكبوت ، إذ من المعلوم بالضرورة أنّه عليه وآله الصلاة والسلام لا يقُرّ على منكرٍ قبيحٍ كشُرب الخمر ، فتبيّن بذلك ما في الحديثين ، والله تعالى أعلم .
على أنّه يمكن دعوى أنّ تحريم الخمر كان معلوماً عند المسلمين بمكّة ـ زادها الله شرفاً ـ فعَمَل بعض أهل المدينة على خلافه لا ينهض دليلاً على إباحة
1.تهذيب التهذيب : ۵/۸۷ .
2.تاريخ بغداد : ۸/۳۵۸ ـ الدرّ المنثور : ۱/۲۵۲ .
3.الكافي : ۶/۴۰۶ ـ ۴۰۷ .