ولا يعقل ذلك ، ولا يزداد شاربها إلا كلَّ شرّ ۱ .
وسأل زنديقٌ أباعبدالله عليه السّلام : لِمَ حرّم الله الخمر ، ولا لذّة أفضل منها؟ فقال عليه السّلام : حرّمها لأنّها أمّ الخبائث ، ورأس كلّ شرٍّ ، يأتي على شاربها ساعة يسلب لُبّه فلا يعرف ربّه ، ولا يترك معصيةً إلا ركبها ، ولا يترك حرمةً إلا انتهكها ، ولا رحماً ماسّةً إلا قطعها ، ولا فاحشةً إلا أتاها ، والسكران زمامه بيد الشيطان ، إن أَمَرَهُ أن يسجد للأوثان سجد وينقاد حيثما قاده ۲ .
وعن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام قال : حرّم الله الخمر لِما فيها من الفساد ، ومن تغييرها عقولَ شاربيها ، وحملها إيّاهم على إنكار الله عزّوجلّ ، والفِرْية عليه وعلى رُسُله ، وسائر ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف والزنا وقلّة الاحتجاز عن شي ءٍ من المحارم ۳ .
وقال المُناويّ في (فيض القدير) ۴ : ومن قبائحها وفضائحها ـ يعني الخمر ـ أنّها تُذْهِبُ الغيرة ، وتورث الخِزْي والفضيحة والندامة ، وتُلْحِقُ شاربَها بأحقر نوعِ الإنسان ـ وهم المجانين ـ وتسلبه أحسن الأسماء والصفات ، وتسهّل قتلَ النفس ، ومؤاخاة الشياطين ، وهتك الأستار وإظهار الأسرار ، وتدلّ على العورات ، وتهوّن ارتكاب القبائح والجرائم ، وكم أهاجت من حربٍ ، وأفقرت من غنيٍّ ، وأذلّت من عزيزٍ ، ووضعت من شريفٍ ، وسلبت من نعمةٍ ، وجلبت من نقمةٍ ، وفرّقت بين رجلٍ وزوجه ، فذهبت بقلبه وراحت بلُبّه ، وكم أورثت من حَسْرَةٍ وأجْرت من عَبْرَةٍ ، وأوقعت في بليّةٍ وعجّلت من مَنِيّةٍ ، وكم وكم .
قال : ولو لم يكن من فواحشها إلا أنّها لا تجتمع هي وخمر الجنّة في جوفٍ
1.الكافي : ۶/۲۴۳ ـ علل الشرائع : ۴۷۶ .
2.الاحتجاج : ۳۴۶ ـ ۳۴۷ .
3.علل الشرائع : ۴۷۵ ـ ۴۷۶ .
4.فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير : ۳/۵۰۷ ـ ۵۰۸ .