فقد حرّمها العبّاس بن مِرْداسٍ السُّلَميّ ، فإنّه قيل له : ألا تأخذ من الشراب ، فإنّه يزيد في قوّتك وجرأتك؟ فقال : لا أصبح سيّدَ قومي وأُمسي سفيهها ، لا والله لا يدخل جوفي شي ءٌ يحول بيني وبين عقلي أبداً ۱ .
وممّن حرّم الخمر على نفسه في الجاهليّة قيس بن عاصم بن سنان المِنْقريّ ، وكان سبب ذلك أنّه غمز عُكْنَةَ ابنته وهو سكران ، وسبّ أبويها ، ورأى القمرَ فتكلّم بشي ءٍ ، وأعطى الخمّار كثيراً من ماله ، فلمّا أفاق أُخْبِرَ بذلك فحرّمها على نفسه ، وقال فيها أشعاراً منها قوله :
رأيتُ الخمرَ صالحةً وفيها-خصالٌ تُفسد الرجلَ الحليما
فلا ـ والله ـ أشربها صحيحاً-ولا أشفي بها أبداً سقيما
ولا أُعطي بها ثمناً حياتي-ولا أدعو لها أبداً نديما
فإنّ الخمرَ تفضح شارِبِيْها-وتجنيهم بها الأمرَ العظيما۲
وممّن حرّمها أيضاً النابغة الجعديّ ، فقد ذكر الحافظ ابن حجرٍ في (الإصابة) ۳ : أنّ أباعُبيدة معمر بن المثنّى قال : كان النابغة ممّن فكّر في الجاهليّة ، وأنكر الخمر والسكر ، وهجر الأزلام ، واجتنب الأوثان ، وذكر دين إبراهيم عليه السّلام (اهـ ) .
وكان عثمان بن مظعونٍ الجُمَحِيّ أيضاً ممّن حرّم الخمر على نفسه في الجاهليّة ، قال ابن عبدالبرّ (في الاستيعاب) ۴ : ذكر ابن المبارك عن عمر بن سعيد بن
1.الاستيعاب : ۳/۱۰۳ ـ أُسد الغابة : ۳/۱۶۹ ـ الإصابة في تمييز الصحابة : ۲/۲۷۲ ـ روح المعاني : ۲/۱۱۱ .
2.الاستيعاب : ۳/۳۳۳ ـ أُسد الغابة : ۴/۴۳۳ ـ الإصابة : ۳/۲۵۳ .
3.الإصابة في تمييز الصحابة : ۳/۵۳۸ .
4.الاستيعاب : ۳/۸۶ ـ أُسد الغابة : ۳/۵۹۹ .