وأخرج الفاكهيّ في (كتاب مكّة) عن يحيى بن جعفرٍ ، عن علي بن عاصمٍ ، عن عوف بن أبي جميلة ، عن أبي القموص قال : شرب أبوبكرٍ الخمر في الجاهليّة ۱ فأنشأ يقول : ـ وذكر أبياتاً ـ فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه و آله فقام يجرّ إزاره حتّى دخل فتلقّاه عمر ـ وكان مع أبي بكرٍ ـ فلمّا نظر إلى وجهه مُحْمَرّاً قال : نعوذ بالله من غضب رسول الله صلّى الله عليه و آله ، والله لا يلج لنا رأساً أبداً ، فكان أوّل من حرّمها على نفسه ۲ .
وقد اعتمد نفطويه على هذه الرواية فقال : شرب أبوبكرٍ الخمر قبل أن تحرّم ، ورثى قتلى بدرٍ من المشركين ۳ (اهـ ) .
لكنّ الحافظ ابن حجرٍ رامَ تنزيه أبي بكرٍ عن ذلك فقال : أبوبكرٍ هذا يقاله له : ابن شغوب ، فظنّ بعضهم أنّه أبوبكرٍ الصدّيق ، وليس كذلك ، ثم لم يلبث أن اعترف بأنّه هو فقال : لكنّ قرينة ذِكْر عمر تدلّ على عدم الغلط في وصف الصدّيق ۴ (اهـ ) .
* والحقّ يُنطِقُ منصفاً وعنيدا *
(الخاتمة)
وإذ بيّنّا لك بطلانَ هذا الحديث من جهة الصناعة ، فاعلم أنّ الحاكم النيسابوريّ قد أشار ـ وكفى به حَكَماً عَدْلاً ـ إلى بطلان هذه القصّة في (المستدرك على الصحيحين) ۵ فقال : أخبرنا محمّد بن عليّ بن دحيمٍ الشيبانيّ ، حدّثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ ، حدّثنا أبونعيمٍ وقبيصة قالا : حدّثنا سفيان ، عن عطاء بن
1.هذا لا يوافق ما بَعْدَه ، فتأمّل .
2.الإصابة : ۴/۲۲ ـ جامع البيان : ۲/۲۱۱ ـ نوادر الأصول : ۶۶ .
3.الإصابة : ۴/۲۲ .
4.فتح الباري : ۱۰/۴۱ .
5.المستدرك على الصحيحين : ۲/۳۰۷ ـ كتاب التفسير .