133
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

48 . وأمّا حقّ من ساءَك القضاء على يديه بقول أو فعل :

۰.فإن كان تعمّدها ، كان العفو أولى بك لما فيه له من القمع وحسن الأدب مع كثير من أمثاله من الخلق ، فإن اللّه يقول : « وَ لَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُـلْمِهِى فَأُوْلَـلـءِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ »۱ إلى قوله عز و جل : « مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ »۲ ، وقال عز و جل : « وَ إِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِى وَ لَـلـءِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّـبِرِينَ »۳ .
هذا في العمد ، فإن لم يكن عمدا ، لم تظلمه بتعمّد الانتصار منه ، فتكون قد كافأته في تَعَمّدٍ على خطأ، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه، ولا قوّة إلاّ باللّه .

ثُمَّ حق بقية الناس

49 . وأمّا حقّ أهل ملّتك عامّةً :

۰.فإضمارُ السلامة ، ونشر جناح الرحمة ، والرفق بمسيئهم ، وتألّفهِم واستصلاحهم، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك ، فإنّ إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاهُ وكفاك مؤنته ، وحبس عنك نفسه فَعمّهم جميعا بدعوتك ، وانصرهم جميعا بنصرتك، وانزلهم جميعا منك منازلهم ، كبيرهم بمنزلة الوالد ، وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، فمن أتاك تعاهدته بلطفٍ ورحمةٍ ، وصِلْ أخاك بما يجب للأخ على أخيه .

50 . وأمّا حقّ أهل الذمّة :

۰.فالحُكُم فيهم أن تقبل منهم ما قبل اللّه ، وتفي بما جعل اللّه لهم من ذمّته وعهده ، وتَكِلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه ، وتحكم فيهم بما حكم اللّه به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة ، وليكن بينك وبين ظلمهم

1.الشورى : ۴۱ .

2.آل عمران : ۱۸۶ .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
132

والستر على جرائر حداثته ، فإنّه سبب للتوبة والمداراة له ، وترك مماحكته ، فإنّ ذلك أدنى لرشْدِه .

ثُمَّ حقّ السّائل والمسؤول

45 . وأمّا حقّ السّائل :

۰.فإعطاؤه إذا تهيّأت ۱ صدقة ، وقدرت على سدّ حاجته ، والدعاء له فيما نزل به ، والمعاونة له على طَلِبَته ، وإن شككت في صدقه ، وسبقت إليه التُّهمة له ، ولم تعزم على ذلك ، لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان ، أراد أن يصدّك عن حظّك ، ويحول بينك وبين التقرب إلى ربّك ، فتركته بستره ، ورددته ردّا جميلاً ، وإن غلبت نفسك في أمره ، وأعطيته على ما عرض في نفسك منه ، فإنّ ذلك من عزم الأُمور .

46 . وأمّا حقّ المسؤول :

۰.فحقّه إن أعطى قُبِلَ منه ما أعطى بالشكر له ، والمعرفة لفضله ، وطُلب وجه العذر في منعه ، وأُحسن به الظنّ ، واعلم أنّه إن منع فماله منع ، وإن ليس التثريب ۲ في ماله ، وإن كان ظالما ، فإنّ الإنسان لَظَلومٌ كفّار .

47 . وأمّا حقّ من سرّك اللّه به وعلى يديه :

۰.فإن كان تعمّدها لك حمدت اللّه أوّلاً ، ثُمَّ شكرته على ذلك ، بقدره في موضع الجزاء ، وكافأته على فضل الابتداء ، وأرصدت له المكافأة ، وإن لم يكن تعمّدها ، حمدت اللّه أوّلاً ، ثُمَّ شكرته ، وعلمت أنّه منه تَوَحّدك بها ، وأحببت هذا إذ كان سببا من أسباب نعم اللّه عليك ، وترجو له بعد ذلك خيرا ، فإنّ أسباب النِّعَم بركة حيث ما كانت ، وإن كان لم يتعمّد ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

1.في بعض المصادر : «تيقنت» .

2.«تثرّب عليه» : لامه وعيّره بذنبه .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 116284
صفحه از 336
پرینت  ارسال به