57
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

الرجل : وإن لم يكن للظالم حسنات ممّا يؤخذ منه؟
قال عليه السلام : إن كان للمظلوم سيّئات تزاد على سيّئات الظّالم ، بقدر ماله من الحقّ عليه . ۱
وإذا صار أهل الجنان إلى منازلهم ، واتكأ كلُّ أحد على أريكته ، وحفّت بهم الخدم ، وتهدّلت عليهم الثمار ، وجرت من تحتهم الأنهار ، وبسطت لهم الزرابي ، وصُفّفت لهم النَّمارق ، وَأتَتْهُم الخدم بما شاءت لهم شهواتهم .
أتاهم المنادي من قبل اللّه تعالى : أوليائي وأهل طاعتي ، هل أنبّئكم بخير ممّا أنتم عليه؟
فيقولون : ربّنا ، وأيّ شيءٍ خير ممّا نحن فيه ؟
فيقول سبحانه : رضائي عنكم ، ومحبّتي لكم خير ممّا أنتم .
فيقولون : ربّنا رضاك ومحبّتك خيرٌ لنا ، وأطيب لأنفسنا ، وهو قوله تعالى : « وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـتِ جَنَّـتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَْنْهَـرُ خَــلِدِينَ فِيهَا وَمَسَـكِنَ طَيِّبَةً فِى جَنَّـتِ عَدْنٍ وَرِضْوَ نٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَ لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ »۲ . ۳

(ومن دعائه عليه السلام)

(لأهل الثغور)

۰.اللّهمّ صلِّ على محمّد وآله ، وحصّن ثغور المسلمين بعزّتك ، وَأيّد حُماتها بقوّتك ، واسبغ عطاياهم مِن جِدَتِك .

1.إلى هنا ورد في الكافي .

2.التوبة : ۷۲ .

3.الكافي ، ج۸ ، ص۱۰۴ ، نقل عنه في تفسير البرهان ، ج۴ ، ص۷۳۳ ؛ وتفسير نور الثقلين ، ج۵ ، ص۱۷۶ ، وبحار الأنوار ، ج۷ ، ص۲۶۸ .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
56

فيأتي النداء من قبل الجبّار ـ جلّ جلاله ـ : أيّها الخلائق ۱ ، انصتوا لداعي اللّه واسمعوا ، إنّ اللّه يقول : أنا الوهّاب ، إن أحببتم تواهبتم ، وإلاّ أخذتم بمظالمكم .
فيفرحون بذلك لشدّة جهدهم ، وضيق مسلكهم وتزاحمهم ، فيهب بعضهم مظلمته لبعض ؛ رجاء الخلاص ممّا هم فيه ، ويبقى بعضهم يقولون : يا رب ، مظالمنا أعظم من أن نهبها .
فعندها يأمر المولى خازن الجنان ۲ أن يُظهر قصرا من فضّة بما فيه ، ثُمَّ يأمرهم ـ جلّ شأنه ـ أن يرفعوا رؤوسهم وينظروا إلى كرامة اللّه تعالى ، فإذا رأوا ذلك القصر ، تمنّى كلّ منهم أن يكون له .
فيأتي النداء : هذا لكلّ من عفا عن مؤمن ، فعندها يعفون إلاّ القليل .
فيقول اللّه : لا يجوز إلى جنّتي ظالم .
ثُمَّ يدفعون إلى العقبة يكرد بعضهم بعضا ، فينتهون إلى العرش ، وقد نُشرت الدواوين ، واُحضر النبيّون والشهداء ، وهم الأئمّة يشهد كلّ إمام على أهل عالمه إنّه قد قام فيهم بأمر اللّه ، ودعاهم إلى سبيله .
فقال رجل لعليّ بن الحسين : إذا كان للمؤمن على الكافر حقّ ، فأيّ شيءٍ يؤخذ منه ، وهو من أهل النار؟
قال عليه السلام : يُطرح عن المسلم من سيّئاته بقدر ما له على الكافر ، ويُعذَّب الكافر بها مع عذابه بكفره .
فقال الرجل : وإن كان للمسلم على المسلم مظلمة فما يؤخذ منه؟
قال عليه السلام : يؤخذ من حسنات الظالم ، ويُعطى للمظلوم بقدر ما له عليه ، فقال

1.في الكافي هكذا : «ويطلع اللّه عز و جل على جهدهم ، فينادي منادٍ من عند اللّه ـ تبارك وتعالى ـ يُسمع آخرهم كما يُسمع أوّلهم ، يا معشر الخلائق» .

2.في الكافي هكذا : «فينادي منادٍ من تلقاء العرش : أين رضوان خازن الجنان ؛ جنان الفردوس . فيأمره اللّه عز و جل» .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 116233
صفحه از 336
پرینت  ارسال به