إجازات المحقّق الكركي - صفحه 337

ولمّا استحال ذلك بدون تعريف من يريده من البريّة، اقتضت حكمته بعث الرسل؛ لتعريف الإسلام، وتبليغ الأحكام، ممّا لم تدركه عقولهم من معرفة الحلال والحرام، واقتضت حكمته الإلهيّة بقاء الشريعة المحمديّة الدائمة بدوام البريّة، ولا سبيل إلى ذلك بدون نقل الأحكام من الثقات المرضيين من السلف إلى الباقين الآتين بعدهم من الخلف، حثّ سبحانه في كتابه العزيز، والذكر الحسن الوجيز، الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فقال عزّ وجلّ من قائل: «فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون». ۱ ولمّا كان معرفة الأحكام الشرعيّة، ونقل الآثار النبويّة، تعلم في الطبقة الأولى تارة بالقول مشافهة، وتارة بالإفتاء، وتارة بعمل من يجب الاقتداء به وأخرى بتقريره، إلى غير ذلك من طرقه، وكان الطريق إلى معرفتها بعد ذلك للمشايخ والرواة طرق:
منها: القراءة على الشيخ.
ومنها: سماع القراءة عليه.
ومنها: مكاتبته.
ومنها: إجازته من عدل إلى عدل إلى المصنّف بالرواية عنه.
ورواية الأخبار كذلك إلى المؤلّف لها بالرواية عنه، واسنادها بالطريق الذي ذكره من صحيح، وموثّق، وحسن، وغير ذلك. فما خلا عن معارض وجب العمل به، وكذا إذا خلا عن معارض راجح أو مساو، وإن حصل المعارض المساوي فمع الضرورة التخييرإن تعذّر التكرار أو أدّى إلى الحرج، وفي غير ذلك الوقف أو التخيير، كما حقّق في أصول الفقه.
ولمّا اقتضت الحكم الإلهيّة، والبراهين العقليّة القطعيّة، والأدلّة الصحيحة النقليّة، بأنّ العلم أشرف من جميع المقتنيات، وأعظم نفعا من جميع المدّخرات، كان من الواجب على ذوي العقول من كلّ ذي عقل سديد ورأي رشيد، وعقل سليم، وطبع مستقيم، أن

1.التوبة۹:۱۲۲

صفحه از 400