إجازات المحقّق الكركي - صفحه 338

يصرف العناية الكليّة بحسب الطاقة البشريّة، أن يبذل كلّ الهمّة في تحصيله وتعلّمه وتعليمه؛ لينال بذلك أشرف المنازل الشريفة عند ربّ العالمين، ويجاور بسببه في دار البقاء الأنبياء والمرسلين، وليفوز بالعزّ الدائم في دار السعادة الأبديّة، ويحظى بثواب الدار السرمديّة.
وكان بتوفيق اللّه العظيم، وفضل منحه الجسيم، من طلاّب هذه الإفادة، والراغبين في نيل هذه السعادة، الشيخ العالم العامل، الفاضل الكامل، المؤيّد بالنفس الزكيّة، والأخلاق المرضيّة، من منحه اللّه العظيم بالعقل السليم، والنظر الصائب، والحدس الثاقب، المولى الشيخ زين الدين عليّ، أعلى اللّه مجده، ابن الشيخ عزّ الدين حسين ابن الشيخ زين الدين عليّ بن عبدالعالي. التمس من المملوك إجازة، ولم أكن لذلك أهلا، لولا خلوّ الزمان من أهل الفضل والكمال؛ لقلّة البضاعة، وقصور باعي في هذه الصناعة، فأنشدت عند ذلك ما قاله المعلّى وقد مدحه بعض الفضلاء:

لعمـر أبيـك مـا نسـب المعـلّـى- إلـى كـرم وفي الدنيــا وسيـم
ولـكــنّ البــلاد إذا اقشـعـرّت -وصّوح۱نبتها رعي الهشيم۲
ولكنّي لم أجد المنع جميلا، ولا إلى ترك الإجابة سبيلا؛ لتحريم منع العلم عن الطالبين، ووجوب بذله لأهله المستحقّين، فأجبت ما التمس بالسمع والطاعة، مع قصور باعي في الصناعة، وقلّة ما معي من البضاعة، وأجزت له ــ أدام اللّه أيامه وفضائله وأسبغ عليه نعمه وفواضله، ومدّ له في العمر السعيد، ومتّعه بالعيش الرغيد، ورفع ذكره في الخافقين، وبلّغه اللّه بمنّه سعادة الدارين، إنّه خير موفّق ومعين ــ أن يروي عنّي، وعن شيخي المولى الشيخ الأعظم العالم العامل، الفاضل الكامل، الشيخ عزّ الدين حسن بن

1.تصوّح البقل: إذا يبس أعلاه وفيه ندوّة.أنظر: الصحاح۱: ۳۸۴ «صوح».

2.في أصل الإجازة لم ترد كلمة «الهشيم»، وورد بدلها كلمة «الكلاب»، وهو خطأ واضح .أنظر:لسان العرب۲: ۵۱۹ «صوح». والهشيم من النبات: اليابس المتكسّر، والشجرة البالية يأخذها الحاطب كيف يشاء. أنظر:الصحاح ۵:۲۰۵۸ «هشم».

صفحه از 400