191
مسند ابي بصير ج1

عليه الجُعَل . ثمّ قال : فأيُّ داء أدّأَ من البخل ولا أضرّ عاقبةً ولا أفحش عند اللّه تعالى ؟ ! قال أبو بصير : فقلت له : جُعلت فداك ! فهل كان أهل قرية لوط كلّهم هكذا يعملون ؟ فقال : نعم ، إلاّ أهل بيت منهم من المسلمين ، أما تسمع لقوله تعالى : « فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ » . 1
ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام : إنّ لوطا لبث في قومه ثلاثين سنة يدعوهم إلى اللّه عز و جل ويحذّرهم عذابه ، وكانوا قوما لا يتنظّفون من الغائط ، ولا يتطهّرون من الجنابة ، وكان لوط ابن خالة إبراهيم ، وكانت امرأة إبراهيم سارة اُخت لوط ، وكان لوط وإبراهيم نبيّين مُرسَلين منذرين ، وكان لوط رجلاً سخيّا كريما ، يُقري الضيف إذا نزل به ، ويحذّرهم قومه .
قال : فلمّا رأى قوم لوط ذلك منه قالوا له : إنا ننهاك عن العالمين ، لا تقرِ ضيفا ينزل بك ، إن فعلت فضحنا ضيفك الّذي ينزل بك وأخزيناك ، فكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه ـ وذلك أ نه لم يكن للوط عشيرة ـ .
قال : ولم يزل لوط وإبراهيم يتوقّعان نزول العذاب على قومهم ، فكانت لإبراهيم وللوط منزلة من اللّه تعالى شريفة ، وإنّ اللّه تعالى إذا أراد عذاب قوم لوط أدركته مودّة إبراهيم وخلّته ومحبّة لوط فيراقبهم ، فيؤخّر عذابهم .
قال أبو جعفر عليه السلام : فلمّا اشتدّ أسف اللّه على قوم لوط وقدّر عذابهم ، وقضى أن يعوّض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم ، فيسلي به مصابه بهلاك قوم لوط ، فبعث اللّه رسلاً إلى إبراهيم يبشّرونه بإسماعيل ، فدخلوا عليه ليلاً ففزع منهم وخاف أن يكونوا سرّاقا ، فلمّا رأته الرسل فزِعا مذعورا « قَالُواْ سَلَـمًا قَالَ سَلَـمٌ » 2 « إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَـمٍ عَلِيمٍ » . 3
قال أبو جعفر عليه السلام : والغلام العليم هو إسماعيل من هاجر ، فقال إبراهيم للرسل : « أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَن مَّسَّنِىَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُواْ بَشَّرْنَـكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ

1.سورة الذاريات ( ۵۱ ) ، الآيات ۳۵ ـ ۳۶ .

2.سورة هود ( ۱۱ ) ، الآية ۶۹ .

3.سورة الحجر ( ۱۵ ) ، الآيات ۵۲ ـ ۵۳ .


مسند ابي بصير ج1
190

عن حلقه ، فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة ، فقلبها إبراهيم على حدّها ، وقلبها جبرئيل على قفاها ، ففعل ذلك مرارا ، ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف : يا إبراهيم ، قد صدقت الرؤيا واجترّ الغلام من تحته ، وفي آخره قال : فلمّا جاءت سارة فأخبرت الخبر ، قامت إلى ابنها تنظر ، فإذا أثر السكّين خدوشا في حلقه ، ففزعت واشتكت ، وكان بدء مرضها الّذي هلكت .
وذكر أبان عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أراد أن يذبحه في الموضع الّذي حملت اُمّ رسول اللّه عند الجمرة الوسطى ، فلم يزل مضربهم يتوارثونه كابرا عن كابر حتّى كان آخر من ارتحل منه عليّ بن الحسين عليه السلامفي شيء كان بين بني هاشم وبين بني اُمية ، فارتحل فضرب بالعرين . ۱

۳۱.علل الشرائع :حدَّثنا محمّد بن موسى بن عمران المتوكّل رحمه اللهقال : حدَّثنا عبداللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يتعوّذ من البخل ؟ فقال : نعم يا أبا محمّد ، في كلّ صباح ومساء ، ونحن نتعوّذ باللّه من البخل ، يقول اللّه : « وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِى فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ »۲ وسأخبرك عن عاقبة البخل ، إنّ قوم لوط كانوا أهل قرية أشحّاء على الطعام ، فأعقبهم البخل داءً لا دواء له في فروجهم ، فقلت : وما أعقبهم ؟ فقال : إنّ قرية قوم لوط كانت على طريق السيّارة إلى الشام ومصر ، فكانت السيّارة تنزل بهم فيضيّفونهم ، فلمّا كثر ذلك عليهم ضاقوا بذلك ذرعا بخلاً ولؤما ، فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير شهوة بهم إلى ذلك ، وإنّما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتّى ينكل النازل عنهم ، فشاع أمرهم في القرى وحذرهم النازلة ، فأورثهم البخل بلاءً لا يستطيعون دفعه عن أنفسهم من غير شهوة لهم إلى ذلك ، حتّى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد ، ويعطونهم

1.الكافي ، ج۴ ، ص۲۰۹ ( كتاب الحج ، باب حج إبراهيم وإسماعيل وبنائهما البيت و . . . ، ح۹ ) ؛ بحار الأنوار ، ج۱۲ ، ص۱۲۸ ( كتاب النبوّة ، باب قصّة الذبح وتعيين الذبيح ، ح۴ ) .

2.سورة الحشر ( ۵۹ ) ، الآية ۹ .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 43141
صفحه از 610
پرینت  ارسال به